اخبار العالم العربيالرئيسية

قراءة في خطاب الفخ… رئيس الحكومة التونسية.

كتب الاعلامي التونسي المعز بنرجب

# كأنكم ما تكلمتم سيدي رئيس الحكومة أو بالتونسي ” كان الكلام من الفضة يكون السكات ذهب “.

مساء أمس بعد الحوار الذي خرج ضعيفا بسبب ضعف المحاورين أولا وغياب المنهجية عنه ثانيا ومضمون إجاباتكم المترددة ثالثا… كان الأولى لكم أن لا تتكلموا.
لا تغركنم تعاليق الإنطباعيين من النخبة وبعض المثقفين التي سوف يسارع بها إليكم صباحا المكلف بالإعلام بديوانكم لأنها موجهة ومجهزة مسبقا من الآلة الإعلامية المزروعة قصدا لخدمة غيركم في محيطكم.
الحقيقة أن هذه التعاليق كانت مشابهة لما كان يتلقاها سلفكم وإرث الدمار الذي تركه أنتم به أعلم وصرحتم به بصوت خافت لكن وزيركم للمالية كان أكثر شجاعة والكل يعلم الآن حجم هذا الدمار.

المهم وحتى لا أطيل وعلى سبيل الذكر أتعرض لأهم ما غاب في حواركم.
– في المسألة الإجتماعية غابت معالم خطتكم لإعادة بناء الثقة بين التونسيين وقد تحركت آلة البغضاء بين الميسور والفقير، وبين الفقير والمعدم، وبين من يعمل ومن هو عاطل ولن يكفي حديثكم المتكلف، عن التضامن لأنه ظرفي ولا يتعدى الفتات ولن ينزع فتيل الضغينة التي تسربت.
– في المسألة الإقتصادية غابت الرؤيا الواضحة عن آليات إعادة الحياة إلى إقتصاد متهالك ومتهاوي لا يمكن لمسكنات بسيطة إنقاذه ولا يمكن لتدخل الدولة بأداء جزء يسير من الأجور على تفادي إفلاس الآلاف من المؤسسات الصغرى والمتوسطة، ومرسومكم المانع لطرد الأجراء هو ظرفي ولن يصمد أمام حقيقة الإفلاس وضروراتها القانونية، لأن قوانين الشغل والاتفاقيات القطاعية المشتركة التي تحكمه سوف تعود الأصل بعد انتهاء تعليقكم المؤقت بمرسوم مفعوله مضبوط بشهرين.
– في المسألة الإقتصادية من جهة رأسمال أيضا تعمدتم ترديد تهديدكم بأنكم في سياق التضامن لحد الآن وسوف تمرون إلى الإجراءات في وقت ما، وفي هذا القول تهديد بالتعسف ولا أراكم قادرين عليه لاعتبارات عديدة… لكنني سأتعرض إلى مانع وحيد هو أن تونس بكل فئاتها لم تعد قابلة لسياسة التعسف إن تسلط على الغني أو على الفقير أو على النظيف أو الفاسد، وما يزينه لكم الوسواس الخناس مقاول الحقد والبغضاء والنميمة الذي يجاوركم في القصبة، وزير دولة دون صلاحيات، إلا من وراء الستار، إنما هو من قبيل دفعكم إلى الخطإ القاتل للإنقضاض لينهشكم مثلما فعل من قبل مع غيركم.
– في الآلة الإقتصادية من جهة المجالات غابت رؤيتكم لقطاع السياحة وإنتهاء الموسم الحالي والقادم وغياب مداخيلها وأنتم على علم بأرقامها وبالخصوص عدد العاطلين نتيجة لذلك بصفة مباشرة أو بصفة غير مباشرة والذين سوف يرفعون النسبة المخيفة للبطالة المسجلة.
قطاع النسيج المرتبط أساسا بالمناولة مع تعطل السوق الأوروبية وتوقف الطلبيات والصادرات في هذا القطاع.
قطاع الصناعات التحويلية يتقاسم مع النسيج نفس المصير لم تتعرضوا للحل في إطلاقه من جديد.
قطاع التصدير الفلاحي من الزيتون إلى القوارص والتمور والأسماك… كلها مرتبطة بأسواق أوروبية مغلقة إلى أجل غير محدد، وأنتم على علم برقم مداخيلها في الموازنة العامة للدولة والميزان التجاري المنخرم بدوره ولن يزيده تعطل هذه القطاعات إلا تعقيدا.
– في المسألة السياسية لم تتعرضوا بالذكر للخلاف المستفحل بين عديد الوزراء والوزارات والتي أضحت بادية للعيان معيقة للنجاعة، وحديث الخاصة والعامة وأنتم تحاولون التغاضي عنها، وحتى عندما تعمدتم التعرض لإحدى مظاهرها إرتكبتم المحضور عند محاولتكم تبييض أحد وزرائكم في محاولة لإظهار مبدأ التضامن الحكومي وبأنكم تسندون فريقكم والحال أن السيف سبق العذل، والوزير نفسه أقر في تصريح صحفي بأن الشبهة قائمة وموضوعها محل بحث إداري وقضائي إنطلق مما يجعل محاولتكم تعويم المسألة، بمقولة حالة الحرب وخطورة المرحلة، غير كافية بل إن هذا الموقف من قبلكم ورطكم في موقع الشريك عملا بمقتضيات الفصل 32 من القانون الجنائي، حتى وإن كانت مراسيمكم الأخيرة أطلقت العمل بعقود المراكنة!؟

حتى لا أطيل أكتفي بالقول بأنكم أردتم إعطاء الإنطباع بأنكم القائد الأول لكنكم كنتم تخفون ترددكم وهذا حديث الكواليس بعد جملة اللقاءات التي جمعتكم مع عديد الأطراف المتداخلة في الوضع العام، وهي التي أشرتم إليها دون مصارحة التونسيات والتونسيين بتفاصيلها لكن ما رشح منها بل ما إنطبع لدى من إلتقيتهم أنكم لا تملكون سلطة القرار وكل إجاباتكم كانت مؤجلة ” للتشاور “.

إذن سيدي رئيس الحكومة كان صمتكم من ذهب لو إلتزمتم به لأن التونسيات والتونسيين خلافا لنخبتهم التي اهتمت بشكل الحوار والقيافة والنظارات، هم من يعيشون واقع المرارة والمعانات، وهم أديم هذه الأرض وهم الباقون ولا يكفيهم الفتات الذي توزعونه أثناء الجائحة ويهمهم ماذا أنتم فاعلون غدا، فإذا بكم تتوعدونهم بالتضحيات وهم يعلمون أن التضحيات تكون دائما في إتجاه شكل هرم مقلوب لتنطلق من الأسفل، وتاريخ تونس علمهم ذلك …

ريم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق