الرئيسية
الأبعاد – بقلم وحيد راغب
:
نحن نعلم أننا محاطون بأربعة أبعاد، ألا وهي الشرق والغرب والشمال والجنوب، هذا بالنسبة للأبعاد الظاهرية المدركة بالحواس، ولكن هناك أبعاد للشيء المجسم، وللكون! تكلم عنها نيوتن وقال بالأبعاد الثلاثية، ثم تطور الأمر فقيل بالأبعاد الرباعية
وهنا نريد التنبيه أن الأبعاد الظاهرية كالجهات الأربعة ليست كل شيء، فهي تشبه انك تتلمس جلد الإنسان من الخارج، أو تتلمس سطح شيء، ولا يعني هذا أنك قد عرفت كل شيء، لكن جزء من الشيء، وقد يكون قليلا منه ، فعندما ترى البحر من سفينتك، فأنت ترى ما ظهر لك من البحر فقط! ولا تعرف باطنه! وما يعج به من كائنات، ولن تعرف ذلك الا بالغوص في باطنه، ودراسةكل كائن أو ظاهرة على حدة وعلاقتها بغيرها، وهذا يتطلب وقتا قد يصل إلى عدة سنوات.
إذن الحكم على أي شيء يحتاج إلى وقت ودراسة ومعرفة بالأبعاد الثلاثة والاربعة والأبعاد الظاهرية أي الجهات الأربعة التي تحددها البوصلة، أما الأبعاد الثلاثةوالأربعة يحددها العلم كالفيزياء والرياضيات وغيرها، وأدق الأجهزة الحديثة كالليزر مثلا.
َلنأخذ مثالابسيطا يدلنا على ان الحكم بالحواس قاصر ولا يعطي الحقيقة الكلية.
فخذ مثلا أن حادثة وقعت في شارع أمام منزل، وكان رجل واقفا على سطح بيته ورأي الحادثة، وكان يمر بالشارع من الشمال بعض المارة ومن الجنوب بعض آخر، وطلب من كل هؤلاء الشهادة على الحادثة.
ماذا تظن منهم، الذي رأي من الشمال حدث بما رأي من ناحيته،وهو صادق، ومن رأي من الجنوب حدث بما رأي من ناحيته وهو صادق، والذي رأي من سطح بيته حدث بما رأي، ولكن من فيهم الأصوب.
فالذي رأي من جهته فقط رأيه ناقص لأنه لم ير من الجهات الأخري، بينما الذي رأي أو شاهد من السطح فقد رأي من الجهات الأربع أي من الأبعاد كلها فهو الأصدق.
ونغني أننا عندما نتحدث عن أمر لا نبت فيه من جهة واحدة حتى لا يكون رأينا قاصرا ومبتورا، بل ندرسه من جميع الجهات، ثم نبت وَنفتي لنكون أقرب إلى الحقيقة، لأن العقول أيضا تتفاوت.
وما يحدث في حياتنا أننا نحكم على كثير من الأمور من جهة واحدة وبعقلنا نحن فقط.
فكثير من الأمور السياسية قد تحتاج إلى كتمان ولا يمكن البت فيها في الحال و ما ورائها؛ لأن ذلك يطلع العدو على أسرار البلاد.
أنا لا أدافع عن أحد ولكن الأمر يحتاج إلى تدبر وحكمة وعدم التعجل في الحكم، كما يحدث في الأسرار الحربية أو بعض العلاقات مع الدول! فقد ترى ظاهر الأمر به ظلم واجحاف في حق البلاد، على غير الحقيقة الغير المعلنة، ألم نر صلح الحديبية بين النبي محمد “ص” وقريش ظاهره مجحف للمسلمين، ورفضه الصحابة، لولا حكمة أم سلمة التي كانت ترى من جميع الجهات، وارشدت النبي ففعل وعاد المسلمون الي صوابهم، وبعد قليل من الوقت علموا أن هذا الصلح كان خيرا لهم.
فأمورنا تحتاج إلى النظرة الشاملة من كل الجهات، وايضا الدراسة قبل البت أو الغضب والإندفاع والتشدد في غير موضعه.
الشاعر وحيد واغب