الرئيسيةشعر وشعراء

أين وحدة الوجود؟ / الشاعر حسن منصور

شُعــاعُ الشـمسِ يأتي مِـــنْ بَعـيدٍ || يَـبُـثُّ الــــرّوحَ في قــمَــــرِ السَّماءِ
يُحَــــوِّلُـــهُ إلـى بَـــدْرٍ مُـــنـــيــرٍ || يُـبَـــدِّدُ نـــورُهُ حَــــلَــكَ الْـمَـــسـاءِ
كَـأَنَّ الشـــمـسَ أُمٌّ أرْضَــعَـــــتْـهُ || وَتُـرْضِــعُــهُ لِـيَــمْــكُـثَ في الـبَقـاءِ
فـكــيْـفَ نَقــولُ إنَّ الشّـمـسَ بَـدْرٌ || وَنَـنـْسى كـــوْنَـــــهــا أُمَّ الضّــيـاءِ؟
لـهـــا ذاتٌ تَســامَــتْ دونَ شَـــكٍّ || وتِـلــكَ الـــذّاتُ دائِـمَـــةُ العَـــطـاءِ
وتُـرْسِـلُ ضَوْءَها في كلّ صَـوْبٍ || وَتَــنْــشُــــرُهُ عـــــلى دانٍ وَنـــائي
وَهـــذا الـبـدْرُ مَخْــلـوقٌ صَغــيرٌ || بِغَــيـْرِ الشمــسِ يَـبْــقى في خَـفــاء
كَـذا كُــلُّ الكَــواكِـبِ يَحْـتَــويهـــا || ضِــياءُ الشـمسِ مِـنْ ألِــــفٍ لِـــياء
وقَــدْ تَـفْـنى الكَـواكِـبُ ذاتَ يــوْمٍ || يُحَـــوّلُهـــا الصِّـــدامُ إلـى هَــــبـاءِ
وَتَـبْـقى الشمـسُ سـيّـدَةَ الأَعــالي || وَمــانِحَــةَ السَّـــنى، ذاتَ السَّـــنـاء
*******
ليَ ابنٌ عِــشْتُ أُعْـطيهِ اهْـتِمامي || بَسَــطْــتُ لــه جَــناحـي كالـــرِّداء
لــهُ اسْـــمٌ مــــازَهُ وَلَـــهُ كَـــيـانٌ || نَـــراهُ بِـلا غُـــمـوضٍ أوْ عَـــمــاءِ
وَلـي اسْــمٌ قَــبْـلَـهُ لا شَــكَّ فـــيهِ || يُـمَــــيِّـزُني بِسَــبْـقـي وَارْتِـــقــائي
(أنـايَ) أنـا مُـخــالِــفَـــةٌ (أَنـــاهُ) || وهـــذا ابْــني وَيَشْـرَبُ مـنْ إِنــائي
وَأوْلادي عَـــنِ العُــشِّ اسْـتَـقـلّوا || وَبَـعْــثَـرَهُـــــمْ زَمـــانٌ لا يُــرائـي
فَـهَـلْ أَنا هُــمْ، كَـيانُهُـمُ كَــياني؟ || ألا أقْــــبِـحْ بِهـــذا مِـــنْ هُــــــراء!
بَـقـــيـتُ وَما تَـبَـعْــثَـرَ لي كَــيانٌ || وَهُـــمْ هَـجَـروا وَمـا ظَــلّـوا إِزائي
ولكِنْ لمْ يَغِــبْ عــنْهُمْ حُضوري || وَقدْ رَضَعــوا صِـفــاتِ الأوْفِـــيـاء
وَإِنّـــي لا أَزالُ أَبــاً رَحــيـــمـــاً || أُراقِـــبُـهُـمْ وَيَـرْعــاهُــمْ دُعــــــائي
وَتَـخْـضَـعُ لي رِقابهُــمُ جمـيـعـاً || خُــضـوعاً زانَـهُ صِـــدْقُ الــــوَلاءِ
*******
تَعـــالى اللـهُ عـــنْ كُـلِّ الــبَـرايا || هُـــوَ الخَــلّاقُ مــنْ طـيـنٍ وَمــــاء
ويَـخْـلُـقُــهُـمْ وقـدْ كـانوا خَــــيالاً || وَأَبْعَــدَ مِــنْ سَــرابٍ فــي خَــــلاء
وَلــكِـــنْ لا زَمــــانٌ أوْ مَــكــانٌ || يَحُـــدُّ مِـــنَ الإِرادَةِ والـقَــــضــــاء
هُــــنا صُــوَرٌ بِـلا عَــدَدٍ نَـراهـا || يُجَـــدِّدُهــا المَــدى دونَ انْـتِــهــــاء
تُـرَكِّــبُـهـا مَــشــيـئَـتُـهُ تَـعـــالـى || وُجـــوهـــاً زانَهــا حُـسْــنُ الــرُّواء
وَكَـمْ تَـفْـــنى وُجــوهٌ غــارِبــاتٌ || وَكَــمْ تَــأْتي وُجــــــوهٌ فـي بَـهــــاء
هُــنا الإِبْداعُ في أجْـلى المَـعـاني || هُــنا الإِعْـــجـــازُ فـي أسْــمى أَداء
هُــنا مَـلـِكُ المُـلـوكِ فَلا شُـكـوكٌ || سَـــتُـجْــدي ذا جِـــدالٍ أوْ مِـــــراء
إلــهٌ واحِـــــدٌ حَــــقٌّ قَــــديــــمٌ || بِــهِ هُــــوَ يَـبْـــتَـدي كُـلُّ ابْـتِـــــداء
تَـنَــزَّهَ عَــنْ شَــريكٍ أوْ شَـبـيـهٍ || مِــنَ الأَحْـــياءِ في دُنْـيـا الـفَـــــنـاء

الشاعر حسن منصور
من المجموعة الثالثة عشرة (ديوان جديد) ص52

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق