مقالات

في الذكرى الأولى لرحيله زهدي القدرة.. عندما تتساوى البندقية مع الدبلوماسية ويتحقق الإنجاز

بقلم: بسام الوحيدي،، أن تجد لك متسعاً في الفضاء القيادي داخل ثورة تمتد على ساحات فعلٍ متعددة ومتنوعة فتلك خاصية لرجالٍ يختلفون عن غيرهم، ونوعيةٍ من الملهمين الذين يجيدون العزف على وتر الإبداع، أولئك الذين عرفوا مبكراً أن للوطن قيمته وكرامته، وأن قيمة الوطن وكرامته تتجسد في كرامة المواطن وحقوقه، هؤلاء الذين اختاروا ميدان فعلٍ يختلف عن ساحات المواجهة بلغة الرصاص، وصنعوا بأدوات إبداعٍ مختلفة عناوين متجددة في الفعل الخلّاق والانجاز الذي يستحق التوقف عنده، كان زهدي القدرة أحد هؤلاء الرجال. كان الصبر وطول النفس والمثابرة وتحمل الضغوط سمة ميّزت كل من عملوا إلى جوار الرئيس الخالد الشهيد ياسر عرفات، والمسؤولية كانت تتضاعف إذا كان قدر هؤلاء أن يكونوا من دائرته المقربة، ومع حجم هذه الطاقة التي تستنفذ منهم كل جهد، يتمتع هؤلاء بمزايا هائلة من النفوذ والصلاحيات والتأثير الدائم في صنع القرار، وهنا تتكشف ملامح نوعية خاصة من القادة الذين لا تغريهم المواقع، ولا تؤثر فيهم المسؤوليات، ولا يكترثون كثيراً لدلالات التأثير التي يتمتعون بها، ويظل التواضع مع الناس سمة تميزهم عن غيرهم، ويظل اجتهادهم طيلة الوقت منصباً على تقديم الخدمة لشعبهم دون كللٍ أو تبرمٍ أو نفاذ صبر، كان زهدي القدرة أحد هؤلاء القادة. أن تختار لك مشيئة الله، رحلة دبلوماسية طويلة وشاقة تتنقل فيها باسم وطنك سفيراً في أهم عاصمتين عربيتين، الرياض والقاهرة، وأن تعود إلى الوطن متقلداً موقع ممثل الرئيس في واحدة من أهم محافظات الوطن (رفح)، كلها مؤشرات على فئة من الكوادر الذين خُلقوا للأدوار الصعبة، ولم يقتنعوا باليسير من المهمات، بل فطنوا مبكراً لقدراتهم وثابروا من أجل مسيرة تحفظها الذاكرة الوطنية، وحالة حضور في وعي الناس حتى بعد الغياب، وأن تجد وأنت الدبلوماسي والشخصية لنفسك مكاناً في المجلس الثوري لحركة فتح، فهذا يعني إقرار واعتراف بدورك ومكانتك وقدرتك على رفد المسار الكفاحي بتجربة غنيةٍ وخصبة، وأن تكون معول بناء في مسيرة التأسيس للدولة الفلسطينية التي كانت على الدوام حلم كل فلسطينيٍ حرٍ وشريف، وأن تصنع لنفسك حضوراً في ذاكرة الوطن وسفر نضاله الطويل، هذا هو زهدي قاسم القدرة. اليوم، وفي الذكرى الأولى لرحيل رجلٍ من رجال فلسطين الأوفياء، المشهود لهم بالعطاء والكفاح الطويل من أجل قضية شعبهم، تخالج النفس مشاعر متباينة، من الحزن والأسى والكثير من الصبر والثبات، صحيح أن الأمر في نظر الكثيرين لا يعدو عبارات منمقة وسطور مكتوبة بإتقان، لكنه الإيمان بقضاء الله وقدره، والحزن المشحون بالعزيمة على إكمال الدرب الذي سار عليه مناضلٌ حرٌ وقامة وطنية بحجم الراحل الكبير زهدي قاسم القدرة. رحم الله أبا محمد، الذي قضى نحبه ، وهو المناضل الفتحاوي الذي أمضى عمره في مسيرة الحلم الفلسطيني، حتى حانت لحظة غيابه وهو ثابت على العهد وفي للمبادئ التي اعتنقها في أول الشباب، له منا عهد الوفاء والدعاء الدائم بالرحمة والجنان.

مقالات ذات صلة

إغلاق