مقالات

يوميات من قريتنا الحبيبة ” أبو سكين ” / السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر

((( فطار جماعي ادعوا للي عامل الكوماج – كنافة الحاجة هندية – صلاة التراويح – هى الطبلة خبطتت – أرفع الماء )))

في البداية كل عام وحضراتكم بخير و سلام مع شهر رمضان المعظم ٠
مازال حديثنا موصولا مع بعض حلقات من يوميات رمضان أيام زمان نسردها لكم من واقع رحاب قريتنا الحبيبة أبو سكين ٠٠٠ !!٠

* فطار جماعي ادعو للي عامل الكوماج :
===============كان زمان بنفطر يوم العيد امام بيت آخر واحد متوفي حديثا في القرية ، وإذا لم يكن نفطر أمام جامع القرية مع بعض ٠٠
و عندما أراد البعض يعزم بعضه عزومة خاصة ٠٠
فوقفت في المسجد ومعي بعض الأهل بعد صلاة العصر في رمضان و قلت توجد فكرة عندنا ممكن نفطر كلنا جميعا مع بعض في المسجد و الذي عنده فضل يتفضل به من طعام أو مال مساهمة فطار متواضع الهدف منه نجتمع سويا فرصة لا تتكرر وقد حدث بفضل الله تعالى ٠
فأشرت على عمي الحاج إبراهيم الدهراوي و عمي الحاج محمد أبو حميده و عمي الريس شحت و الشيخ إبراهيم أبو حسين و عمي الحاج محمد أبو سعد وغيرهم و رحبوا بالفكرة الجميلة الخالصة ٠
و قال عمي محمد أبو سعد – وهو طباخ مشهور – نحن نتبرع بالطباخة وكلف ولده سعد و عبد الله بالمهمة ٠
و كل من أراد أن يأتي بشيء فليفعل وتم تجهيز كل الطلبات ٠٠
و بقيت مشكلة العيش هل نجمعها من البيوت أو نشتريها من الحامول ٠
فقال عمي الحاج إبراهيم الدهراوي :
و أنا علىَّ أعمل لكم الكماج باللبن و السمن و الدقيق الأبيض ٠
و قد تم وفطرنا جميعا رجال و شباب و أطفال
والنساء ارسلت عصائر وحلويات مصنوعة بالبيت في بساطة وحب ومبادرة كريمة ٠٠
و كان عمي ابراهيم الدهراوي يوزع مناب وكوم اللحمة داخل الكماج ، و ذلك قبل اكتشاف الورق الألومنيوم الحراري ، فكنا نضحك و نقول هذه الكوماجة فارغة ليس بها لحمة فيرسل غيرها و يقول :
يا ولاد خير ربنا كتير كلوا بس و كنا فرحنيين من هذه التجربة يوم في رمضان ٠٠
و ما كان مني إلا أنني وقفت في المائدة وقلت بعفوية :
( ادعوا للي عامل الكماج ٠٠ )
فضحك الحضور ودعوا فعلا للجميع ٠
فرد عمي الحاج إبراهيم و أنا كل مرة على ََّ الكوماج ٠
و قال الشيخ إبراهيم أبو حسين: عادة ما تنقطعش ونفحة طيبة ٠
و قد حاول سكان منطقة جامع الطرقة بتقليد يوم الفطار المجمع في العام التالي
– و كانت منطقة الطرقة و المسقى في تنافس مثل الأهلي والزمالك في كل شيء – فتكلف المؤن الأستاذ عوض سكين و أشرف عليها المعلم جميل أبو عسل ولكنهم اشتروا خبزا بدل الكماج ٠٠
و قد عزمونا ، فكنا نغيظ بعض عُزمتنا أحسن من عُزومتكم ٠٠
ونقول لهم فطاركم لا يوجد فيه كماج ٠٠ ونضحك ٠
و مازلنا نتناقل في المناسبات ٠٠
أدعوا للي عامل الكماج ٠

 

* كنافة عمتك الحاجة هندية :
==============
الكنافة والقطايف بتكون في المدينة فقط و نادر ما أحد ينزل المدينة فالكل يوصيه بأن يشتري كيلو كنافة ٠

ففكرت عمتنا الحاجة هندية في عمل فرن بالطين أمام المسجد عند قنطرة المسقى في منتصف القرية ٠٠
و هو عبارة عن تنور صمعة بالطين عليها صنية و يتم تلقيمه بحامية حزم قش الأرز مثل ربطة الخضار ٠٠
و قد عمل لها عمك توفيق السمكري الذي كان يأتي من الحامول إلى قريتنا كل يوم ثلاثاء لتصليح وابوار الجاز و لمبة الجاز ولحام الصفيح بالقزير حيث نجمع له كل شيء عطلان في البيت ٠٠
فصنع لها كوزا من الصفيح ببزابيز مثل الأصابع تصب به عجين الكنافة ٠
و كانت خيوط الكنافة مثل المكرونة غليظة لكن لها طعم و مدخنة من القش ٠٠
و يتجمع أخواتنا و أمهاتنا عندها من بعد الفطار مباشرة
كل واحدة معها حلة بها خليط الدقيق و عقدة قش تجلس تعملها مثل رُبط الخضار و الفجل و الجرجير توقد بها الفرن عندما يصيبها الدور و كان زحام شديد و لكن لا يوجد وساطة أبدا الكل حسب دوره هو وحظه ٠٠
و الكثير يرجع بدون عمل كنافة حيث يباغته الوقت طبلة عمك ناصر المسحراتي ٠٠
فينصرف الجمع و يولون الأدبار إلى البيت في خناقة وحزن بعد طول انتظار مثل الذي ينتظر النتيجة او عودة المسافر المحمل بالهديا و لكنه يرجع بخف حٌنين يعض الأنامل من الحسرة وعدم تحقيق حلم الكنافة ٠
و كانوا يضعوها في حلة على وابور الجاز و يرشون عليها السمن البلدي و السكر فقط و يتناولوها أكلا بالمعالق ٠٠
قبل أفران البتوجاز والصواني المحشوة بالمكسرات وتقطيعها خُرط وقطع و شوكة ٠٠ هلم جرا ٠

* صلاة التراويح :
=============
كنا نصلي صلاة التراويح عدد بسيط ببضع آيات وبين كل ركعتين يردد سيدنا ورد من الذكر و الدعاء في عجالة منها:
صلاة التراويح أثابكم ٠٠
و بعد كل ركعتين يقول سبوح قدوس رب الملائكة و الروح ٠
و في منتصف التراويح يقدم معلومة سريعة تفيد الصيام و الصلاة دون استعراض بمثابة ومضة ٠
و يختم القيام بالصلاة و السلام عليك يا خاتم رسل الله

و عند الوتر يقول :
رب لا تذرني فردا و أنت خير الوارثين ٠
و يدعوا دعاء جامع معتدل و مختصر في سكون وطمائنينة بعيدا التشدق و السجع ٠
و نجد خلفنا الحاج سامي أبو عوض كل يوم يقدم لنا نفحة كريمة ٠٠ ترامس الشاي والأكواب الزجاجية و شيء من حلويات البيت جزاه الله خيرا ٠

هى الطبلة خبطت :
==============
و يسألون عمك محمد أبو سيد احمد :
كانت الناس تنام نوم عميق حيث لا توجد كهرباء و لا تليفزيون و لا يحزنون ٠
و كان عمي الريس محمد أبو سيد احمد يجلس على المصطبة أمام بيته من الطوب اللبني الني ومعه راديو خشب يستمع محطة القرآن الكريم ٠
فيستيقظ عمي الحاج عطوان و عمك عبد الهادي و عمي الحاج سيد أبو سيف و عمك عبد الجليل بارومة و عمك إسماعيل أبو مساعد و عمك رمضان أبو عيسى وغيرهم كل فترة و يصيحون :
يا ريس محمد الطبلة خبطتت يقول لهم ناموا الساعة عشرة لسه
ولسه بدري على السحور و طبلة عمك ناصر ٠٠
فيناموا ساعة ويصحوا يقول لهم نفس الكلام ٠
و لا سيما في موسم الشتاء و الليل الطويل ٠٠
ثم تستيقظ الناس مع سحور عمك ناصر و ابو السيد كل واحد في ناحيته ٠٠
و يتم توليع الافران البلدي وعمل السحور ٠٠

* ارفع الماء :
=========
حتى يصعد عمك الشيخ إبراهيم أبو حسين و يصيح من فوق المسجد ثلاث مرات ( ارفع الماء ) فيمسك الناس و يستعدون لصلاة الفجر ٠٠
هذه بعض من صفحات و يوميات وذكريات قريتنا الحبيبة أبو سكين نرويها في بساطة و تلقائية لتلك الأجيال ليعرفون أساليب الحياة دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد إن شاء الله ٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق