نشاطات

قراءة في العلاقات الأوروبية – الأوروبية

كتب : محمود خليل

هل تنسحب (الترويكا) الاوروبية من الاتفاق النووي وتفرض عقوبات على ايران؟

أوروبا تشترط وقف تمويل إيران للمجموعات الإرهابية

تلوح في الافق بوادر ازمة بين دول الترويكا الاوروبية (المانيا وفرنسا وانجلترا) وايران لا احد يعرف المدى الذي ستصل اليه لكن الأيام المقبلة مفتوحة على كل الاحتمالات ومن بينها إمكانية انسحاب دول الترويكا من الاتفاق النووي وفرض عقوبات على ايران ولا من التذكير هنا ان دول الاتحاد الأوروبي سبق لها قبل 8 اشهر فرض عقوبات على طهران في يناير الماضي على خلفية اتهامها بالتخطيط لاغتيال معارضين احواز في كوبنهاجن.

الازمة التي تتصاعد بين ايران ودول الترويكا الأوروبية ليست وليدة اقدام ايران على تخفيض التزاماتها بالاتفاق النووي بل تتفاعل خلف الكواليس منذ انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق في مايو 2018 وبرزت بوضوح خلال اجتماعات فينا بين ايران ودول الترويكا في 30 يونيو الماضي .

هذه الاجتماعات التي كانت ايران قبل المشاركة فيها بشهرين رفعت السقف عاليا حينما اعلنت انها ستبدا بالتنصل من بعض التزاماتها بالاتفاق النووي اعتبارا من 7 يوليو الجاري أي انها حضرت الى هذا الاجتماع قبل اسبوع فقط من انتهاء المهلة التي حددتها لبدء تخليها عن بعض بنود الاتفاق واعتبرت الاجتماع قبلووصفته قبل يوم من انطلاقه بانه اجتماع الفرصة الاخيرة ، مطالبة الاطراف الموقعة على الاتفاق ان تقدم شيئا جديدا والا فان ايران لن تكون مستعدة لمواصلة الاجتماعات دون ان تتحقق اي نتيجة لان الوقت ليس ف يصالحها وان اقتصادها يعاني حيث ليس بوسعها تصدير النفط .

بالتالي بدا الاجتماع وكأنه ينعقد تحت الضغط الإيراني خصوصا وان الأوروبيون والصين وروسيا حضروا الاجتماع وهم يدركون ان المنطقة تقف على مفترق طرق وان الامر ليس مرهونا فقط بالاتفاق النووي وان المنطقة تشهد توترا عاليا قد يفضي الى حرب كادت ان تقع وان المنطقة كلها قد تصل الى ازمة غير مسبوقة قد تصل الى حرب
· النفط أولا
بالطبع الإيرانيون لم يكترثوا لرفض الاوربيون لغة التصعيد التي يستخدمونها وواصلوا الامر باتخاذ خطوات عملية لتخفيض التزاماتهم بالاتفاق النووي والعالم يترقب يوم 7 يوليو لمعرفة ما الذي ستؤول اليه الأمور فالاهم بالنسبة لايرن هو تمكينها من بيع النفط لان اقتصادها يعاني حيث ان امريكا تمنعها من بيع النفط وتمنع بقية الدول الاخرى من شراء النفط وهذا يعني ان ايران تواجه صعوبات اقتصادية خانقة.
· أوروبا في حرج
الاوروبيون بطبيعة الحال ومع انهم يرفضون الضغوط الإيرانية الا انهم يجدون انفسهم في موقف حرج على المستوى السياسي والدبلوماسي حيث انهم لغاية الان لم يتهمون ايران بتخليها عن التزاماتها بالاتفاق النووي وهو امر ستكوةن له حسابات أخرى كما لا يعترضون على مطلبها بتصدير نفطها لان هذه الامور منصوص عليها في الاتفاق النووي وهذا يقوي من الموقف الايراني امام الاوروبيين والصينيين .

ليس بوارد الأوروبيون الوقوف وجه الادارة الامريكية ولبس بوسعهم في هذه المعادلة سوى اتباع سياسة الخطوات المحدودة المتعلقة بالدواء والغذاء وبعض السلع الأخرى وهو الامر الذي يستفز الإيرانيين لانهم يرون تكرار لنظام النفط مقابل الغذاء الذي فرضه الغرب على العراق في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين

ويبدو ان الاتحاد الاوروبي كان متفائلا في بيانه الذي اصدره عقب انتهاء مباحثات فينا عندما تحدث ان الالية للتجارة مع ايران اصبحت جاهزة لكن هذه الالية تم الحديث عنها قبل ستة اشهر قالت ايران عنها انها و لا تلبي طوحاتاها ايران لان في نهاية المطاف الالية لا تتناول الا التجارة بالادوية وغيرها التي لن تغير الواقع المر الذي يمر فيه الاقتصاد الإيراني.

مما سبق بالإمكان الاستنتاج ان مباحثات فينا لم تثمر عن أي شيء جوهري بيد استطاعت تفكيك القنبلة التي كادت ان تنفجر و منح مزيدا من الوقت للجميع لكن المشكلة لم تحل والازمة ما تزال قائمة وان الصراع في المنطقة ينتقل رويدا رويدا الى مستوى اعلى.

وهنا يبرز السشؤال عن الشكل الذي ستؤول اليه العلاقات الإيرانية الأوروبية في حال واصلت إيران بتنفيذ تهديداتها والواضح ان هذه العلاقة باتت رهنا لتطورات الأيام المقبلة .

الإجابة على السؤال تستدعي الالتفات الى بعدين في غاية الأهمية في سياق العلاقة الأوروبية الإيرانية الاول ان الولايات المتحدة الامريكية التي لا يمكن للدول الأوروبية الوقوف في وجهها أبدت انزعاجها من الية انستكس وترى فيها بانها خطوة غير حكيمة لن تؤدي الا الى تقوية شوكة ايران وتباعد بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية وسبق لنائب الرئيس الأمريكي مايك بنس اتهم حلفاء واشنطن الأوروبيين بمحاولة إفساد العقوبات الأمريكية على طهران ودعاهم إلى الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.

والثاني الموقف المعارض للمرشد خامئني للالية انستكس حيث رفضها منذ البداية ووصفها بأنها “دعابة ثقيلة”، معتبرا انه لا يمكن الوثوق بأوروبا، ودعا حكومة روحاني الى قطع الامل بأي مساعدة من الغربيين” باعتبار ان ما يمكن توقعه منهم المؤامرة والخيانة والطعن من الظهر، بحسب قوله.
· الخلاافات الأوروبية الإيرانية الكامنة

في المحصلة النهائية ايران تضع الاتحاد الأوروبي في موقف حرج قد يدفع به الى اتخاذا خطوات شديدة في المدى المنظور حيث سينحو الى الدفع بالخلافات الكامنة بينه وبين ايران الى السطح التي يمكن ان تصل الى حد القطيعة بين الجانبين وانتقال الاتحاد الأوروبي الى المربع الأمريكي حسب ما تتامله إدارة ترامب.

لا يمكن هنا تغيب ان الخلاف الأمريكي الأوروبي سوف يفشل آلية «انستكس» فالرئيس ترامب لا يترك فرصة إلا ويندد بتمسك الأوروبيين بالاتفاق النووي الإيراني، ورغم التوافق الاستراتيجي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بضرورة حث إيران على التوقف عن إجراء التجارب الصاروخية وعدم التدخل في شؤون جيرانها إلا أن الولايات المتحدة أكدت أنها سوف تعاقب الشركات الأوروبية التي تتعامل بشكل مباشر أو غير مباشر مع إيران، وهو الأمر الذي دفع كثيراً من الشركات الأوروبية للانسحاب من السوق الإيرانية، ولا يمكن للشركات الأوروبية التي تتعامل غالبيتها مع السوق الأمريكي أن تفضل إيران على سوق أقوى اقتصاد في العالم.

من المعروف ان الخلافات الأوروبية الإيرانية الكامنة عميقة وتتعمق يوماً بعد يوم حول الية “انستكس” ، فدول الترويكا الاوروبية سبق لها ان ربطت تطبيق هذه الالية بوقف تمويل إيران للمجموعات الإرهابية خاصة حزب الله اللبناني، وميليشيا الحوثى في اليمن، والميليشيات المصنفة إرهابياً في العراق وسورياـ، وضرورة انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي فاتفFATF))

وتشترط دول الترويكا إصدار إيران لتشريعات جديدة تتواءم مع قواعد”فاتف”، وهذه نقطة خلافية كبيرة بين الإيرانيين والأوروبيين ، لأن ضمن التشريعات المطلوب من إيران التصديق عليها الاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب«CFT»، والاتفاقية الدولية لمكافحة الجرائم العابرة للحدود «باليرمو»، وهي الاتفاقيات التي سبق لمجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني رفض التصديق علىها.

الخلاف الاخر الذي يحول دون توصل الاوروبين والإيرانيين الى اتفاق قريبا حول الية انستكس يكمن في ان هذه الالية فضفاضة وغامضة و لا تتفق مع الأهداف المعلنة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق