مصادفة غير متوقعة (قصة قصيرة)
– آلو ماما.. لم أعد أستطيع احتمال البرد.. تأخرتِ كثيرًا، متى تأتين؟؟
– لا أستطيع الخروج بسيارتي يا أمي، فالمدخل مغلق.
قالت الأم ذلك وهي تطلّ من نافذة بيتها، لترى إذا كانتِ السّيّارة ما زالت واقفة كما هي مغلقة المدخل، ممّا يمنعها منَ الخروج لأخذ ابنتها الصّغيرة البالغة منَ العمر ثلاثة عشر عامًا، بعد انتهاء درسها في دورة الفنون.
فيا للمشكلة الّتي يعاني منها سُكّان هذا الحي. إذ تقف بعضُ السّيّارات أحيانًا عند مداخل البيوت، ويذهب أصحابها للتّسوّق لعدة ساعات. وقد حدث العديد منَ المشادات الكلاميّة بين سُكّان تلك البيوت وأصحاب السّيّارات الّتي تغلق مداخل بيوتهم، وكادت أن تصل أحيانًا إلى التّشابك بالأيدي. أما الشّرطة فلا تأتي لتحرير مخالفات ٍ لأصحاب تلكَ السّيّارات إلّا بحالات نادرة، وبعد عشراتِ الاتصالات، أو بعد أن تحدث مشاجرة..
لم يبقَ أمام الفتاة إذًا إلّا انتظار الحافلة، والّتي تدخل عدّة أحياء قبل أن تصل إلى حيّها، ناهيك عن حركةِ السّير الخانقة في المدينة. لكن، لا خيار آخر أمامها.. وها هي الحافلة تأتي، فتعبرُ الشّارع مسرعةً لتلحق بها، لكنّها تصطدم بسيارة كانت قد بدأت بالتّحرّك للتو، فتسقط أرضًا. وتخرجُ السّائقة من سيارتها خائفةً، وتسأل الفتاة إن أصابها مكروهٌ، فتطمئنها الفتاة بأنها بخير. لكنّ المرأة الّتي تعرّفت على الفتاة، فهي مشتركة في نفس دورةِ الفنون مع ابنتها، لم تدعْها تركب الحافلة، بل أدخلتها إلى سيّارتها لتجلس بجانب رفيقتها في الدّورة، مصمّمةً على توصيلها إلى البيت..
وفي الطّريق بدأتِ الفتاة تتحدّث عن سبب عدم استطاعة أمها المجيء لأخذها. فتُعَبِّرٌ والدة رفيقتها عن استياءها منَ الّذين يقومون بإغلاق مداخل البيوت بسيّاراتهم، وتصفهم بأبشعِ الأوصاف.
واستمرَ الحديث حول هذهِ المشكلة حتّى وصلوا بيت الفتاة. وكانت أمّها تنتظرها على أحرِّ منَ الجمر. وما أن رأتها حتّى حضنتها وقبّلتها بحرارة، وشكرتِ المرأة لأنّها اهتمت بإيصال ابنتها إلى البيت، وأشارت لها إلى السّيّارة الّتي ما زالت واقفة مغلقة المدخل، فعَلَّقَت المرأة بعجالة وغضب:
– مَن فعل هذا هو بلا أخلاق وبلا أدب ومحدود التّفكير..
وفجأةً اكتسى وجهها باللون الأحمر إمّا غضبًا أو خجلًا، عندما رأت زوجها قادمًا باتجاه تلكَ السّيّارة الّتي تغلق المدخل وبيده يُلَوّح بالمفتاح من بعيد..
(عامر عودة)