ثقافه وفكر حر

نعمة البصر بنعمة اعظم منها نعمة البصيره التي يفقدها كثير من المبصرين.

اكاد أعد على اصابعي عدد المرات التي خرجت فيها الى حديقة بيتي وجلست هناك رغم سنيني الطويلة في هذا المكان.
الازعاج الحاد في الشارع المحاذي لبيتي كان كفيل بأن يبقيني داخل البيت دون ندم او تذمر. مدة خروجي للحديقة كانت لا تتعدى الخمس عشرة دقيقة انظف ما استطعت واعود داخلا.
البارحه كان مختلفا اذ مكثت اكثر من اربعين دقيقة خارجا،كنت كعادتي انظف واتذمر وأكيل الشتائم لصاحب اختراع الكؤوس البلاستيكية التي كانت تتطاير من كل ركن في الشارع وتختار مدخل بيتي لتتكدس هناك.
صوت طفل تعالت ضحكاته جذب انتباهي ،كان ذلك الطفل _ابن بنت جيراني الشابة- يتحسس وجه امه، يضع وجنته على وجنتها ويضحك وامه تبادله بالمثل تحمله بين ذراعيها ،تقربه لوجهها ويضحكان معا. هذا المشهد كاد ان يكون مشهدا عاديا لولا الحقيقة ان امه لا تستطيع رؤيته لأن قدرها شاء ان تكون ضريرة منذ الولادة.
اعترف بأن هذا المشهد كان كفيلا بأن يجعلني ساكنة دون حراك لدقائق طويلة ،وقفت هناك انظر اليهما ولم استطع ان اتمالك نفسي فتهافتت دموعي .
لم تكن دموعي دموع حزن ولا دموع شفقه انما الهاما وايمانا بعدالة الخالق وعظمته.
دخلت بيتي وانا استرجع كلمات امي عن البصر والبصيره ،كانت تقول ان الله يعوض من افقدهم نعمة البصر بنعمة اعظم منها نعمة البصيره التي يفقدها كثير من المبصرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق