اخبار اقليميه
اذا كنت سائحا في تركيا.. تعرف على قصة نساء السبت
إذا تصادف وجود أي سائح في تركيا يوم السبت لابد له أن يشاهد أثناء تجوله وسط اسطنبول آلاف المعتصمين المدنيين الحاملين ومعظمهم من النساء، وهم يحملون القرنفل الأحمر وصور شخصيات عديدة بشكل سلمي في وسط ساحة “غلاطة سراي” الشهيرة.
لم يكن هناك أي قرار يمنع هذا التجمع في الأسابيع الماضية، إلا أن احتجاج السبت الماضي الذي صادف 25 أغسطس / آب من هذا العام، وهو الاحتجاج السبعمئة، اتسم بالعنف ووجود مكثف للشرطة التي فرقت الاعتصام بالقوة، مستخدمة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع واعتقال العشرات من المشاركين.
وبررت السلطات التركية ذلك بأن دعوة الاعتصام كانت منشورة على صفحة حزب العمال الكردستاني في مواقع التواصل الاجتماعي.
من هن “أمهات السبت” ؟
هي مجموعة من الأمهات الكرديات اللواتي اُعتقل وُخطف أبناؤهن على يد السلطات التركية منذ ثمانينات القرن الماضي.
وبدأت الأمهات في تنظيم حركتهن في عام 1995 ليخرجن في احتجاجات دورية أسبوعية كل يوم سبت، في ساحة “غلاطة سراي” وسط مدينة اسطنبول، لمطالبة الحكومة بالكشف عن مصير أبنائهن المعتقلين منذ عشرات السنين، ولم يُعرف مصيرهم ويطالبن الحكومة بمحاسبة المسؤولين عن ذلك.
وتقول “أمهات السبت” أنهن استلهمن فكرة تنظيم حركتهن من مايو دي بلازا، أي ” أمهات ساحة مايو” في الأرجنتين اللواتي فقدن أبنائهن في زمن ” الدكتاتور” الأرجنتيني خورخيه فيديلا.
واعتقلت الشرطة نحو 50 شخصاً ممن شاركوا في احتجاجات السبت الماضي بمن فيهم شابات ونساء معمرات.
كما أدانت جماعات حقوق الإنسان القمع الذي تعرض له الاعتصام السلمي دون مبرر واصفين ذلك بـ ” المخزي”.
وقالت إيما ويب من منظمة هيومن رايس ووتش” إنه لأمر مخجل أن تعامل السلطات بشكل وحشي اعتصاما سلميا يطالب بالعدالة والتحقيق في جرائم الدولة”.
وقالت السلطات المحلية في بيان لها:” لقد حظرنا الاحتجاج لأنه كان منشوراً على موقع حزب العمال الكردستاني الإرهابي”.
اعتقال العشرات
ويقول النشطاء في تركيا إن السلطات لم تحقق في حوادث اختفاء المعتقلين على مدار السنوات الماضية.
وكانت السلطات التركية قد منعت احتجاجات أمهات المعتقلين في الفترة ما بين 1999 و2009، لكن هذه المرة تدخلت الشرطة بشكل مكثف وفرقت الاحتجاج واعتقلت العشرات بطريقة “عنيفة”.
وظهرت صورة أمينة أوجاك، المرأة الأم البالغة من العمر 82 عاماً وهي تعتقل من قبل رجال الشرطة، وهي ليست المرة الأولى التي تعتقل فيها. وهي أم لأحد المفقودين الذين اعتقلتهم السلطات في الثمانينات ولم يظهر منذ ذلك الحين.
وقال عبدالله زيتون، رئيس جمعية حقوق الانسان في ديار بكر :” إن التغيب والإخفاء القسري ، سياسة تتبعها الدولة للتستر على المسؤولين عن خطف آلاف الأشخاص وإخفائهم قسرياً، وإن تدخل الشرطة ضد فعالية أمهات السبت في اسطنبول، يعني حماية المسؤولين عن حالات التغيب”.
من هم المفقودون؟
نشطت حركة الشباب التي كانت تضم أكراداً وأتراكاً يساريين في تركيا في أواخر سبعينات القرن الماضي، وأخذت بعداً عسكرياً في منتصف الثمانينات بعد أن لاحقت السلطات أعضاء تلك الحركة، التي أطلقت على نغسها اسم “حزب العمال الكردستاني”.
كان زعيم الحزب عبدالله أوجلان طالباً في كلية العلوم السياسية، عندما ترك الدراسة وتفرغ للعمل الحزبي والعسكري.
واعتقلته السلطات التركية عن طريق الانتربول عام 1999، وهو منذ ذلك الحين مسجون في زنزانة منعزلة في جزيرة مرمرة النائية في تركيا.
اتسع نشاط الحزب وازداد عدد مؤيديه في كل من العراق وسوريا وإيران إلى جانب تركيا وأكراد المهجر. وانضم إليه العديد من الشباب الأتراك ذوي التوجهات اليسارية الماركسية.
لم يتخذ هذا الحزب أي صفة شرعية طوال 40 عاماً، وتظل فترة التسعينيات من أكثر الحقب اضطرابا وأكثرها عنفاً في تاريخ تركيا الحديث بسبب مطالب الحزب بدولة كردية.
ولاحقت السلطات أعضاء الحزب وصنفته حزباً ” إرهابياً”، وبالتالي كل من يثبت انتماؤه للحزب، يقتاد إلى السجن.
مغيبون بالالاف
اتسعت قائمة المخطوفين والمعتقلين الذين انقطعت أخبارهم ويقدر عددهم بالآلاف. وكانت النتيجة أن خرجت الأمهات بتنظيم حركة باسمهن ( أمهات السبت) للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائهن.
ونتيجة الصراع المستمر على مدار أربعين عاماً، لقي أكثر من 40 ألف شخص حتفهم، من الجانبين الكردي والتركي، ودُمرت آلاف القرى الكردية في تركيا، مما اضطر مئات الآلاف من الأكراد للنزوح إلى مدن تركية أخرى. غير أن حزب العمال تراجع عن مطلبه الأولي باستقلال المناطق الكردية داخل تركيا، وصار يدعو إلى حصول الأكراد في تركيا على حكم ذاتي، ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذا المطلب بـ” الخيانة”.