ثقافه وفكر حر

الغربة والاغتراب بين المدح والذم / الشيخ حمدان مصلح

الغربة والاغتراب
بين المدح والذم

قال ابن رشيق القيرواني :
غِب عن بلادك وارج حسن مغبّةٍ
إن كنت حقاً تشتكي الإقلالا
فالبدر لم يجحف به إدباره
ان لا يسافر يطلب الإقبالا

وقال الشنفرى :
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزَّل
لعمرك ما في الأرض ضيقٌ على امرئ
سرى راغباً او راهباً وهو يعقل

وقال الشافعي رحمه الله:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشةٍ
وعلم وآداب وصحبة ماجد

وقال علي بن ابي طالب
كرم الله وجهه:
فإن قيل في الأسفار ذلٌّ ومحنةٌ
وقطع الفيافي وارتكاب الشدائدِ
فموت الفتى خير له من قيامه
بدار هوانٍ بين واشٍ وحاسدِ

وقال احمدبن فارس:
إذا ما ضاق صدرك في بلاد
ترَحّل طالباً ارضاً سواها
عجبت لمن يقيم بدار ذلٍّ
وارض الله متسعٌ فضاها
فذاك من الرجال قليل عقلٍ
بليد ليس يعلم ما طحاها
فنفسك فز بها إن خفت ضيماً
وخلّ الدار تنعى من بناها
فإنك واجد أرضاً بأرضٍ
ونفسك لم تجد نفساً سواها

وقال صفي الدين الحلّي:
تغرّب وابغ في الأسفار رزقاً
لتفتح بالتغرب بابَ نُجح
فلن تجد الثراءَ بغير سَعيٍ
وهل يوري الزنادُ بغير قدحِ

وقال المتنبي:

إذا ترحّلتَ عن قوم وقد قدروا
ألا تفارقهم فالراحلون همُ

————————-
وقال خير الدين الزركلي:

العين بعد فراقها الوطنا
لا ساكناً ألِفَت ولا سَكنَا
ليت الذين أحبهم علموا
وهم هنالك ما لقيت هنا
إن الغريب معذَّبٌ أبداً
إن حل لم ينعم وإن ظعنا

وقال ابن خاتمة الأندلسي:

إلزم مكانك فالتغرب ذلة
لو لم تنل غير القرار نجاحا
فإذا أراد الله مهلك نملةٍ
هيا لها كيما تطير جناحا
وقال أيضاً:
مثواك عزك فاحذر أن تفارقه
فعزة واغتراب قلما اتفقا
اما ترى الشَّعر فوق الرأس محترماً
فإن يزل عنه أضحى في التراب لقى

وقال منصور الحلبي:

وإن اغتراب المرء من غير فاقةٍ
ولا حاجة يسمو لها لعجيبُ
فحسب الفتى ذلا وإن أدرك الغنى
ونال ثراءً ان يقال غريبُ

وقال زكي قنصل:

ويح الغريب على الأشواك مضجعه
وخبزه من عجين الهم والنصب
يعيش عن ربعه بالجسم مغتربا
وقلبه وهواه غير مغتربِ
يستقبل الليل لا تغفو هواجسه
ويوقظ الفجر في جيش من الكربِ
موزع الروح إحساسا وعاطفةً
مقسم الفكر في بُعد وفي قربِ

وقال العباس بن الأحنف:

يا غريب الدار عن وطنه
مغرداً يبكي على شجنه
كلما جد البكاء به
دبت الأسقام في جسده

وقال ابن الهبارية:

قالوا أقمت وما رزقت وإنما
بالسير يكتسب اللبيب ويرزق
فأجبتهم ما كل سيرٍ نافعا
الحظّ ينفع لا الرحيل المقلق
كم سفرة نفعت واخرى مثلها
ضرّت ويكتسب الحريص ويخفق
كالبدر يكتسب الكمال بسيره
وبه إذا حرم السعادة يمحق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق