مقالات

القوميه العربيه والفكرية في العصر الحد يث – عبد الحفيظ اغبارية

أول إرهاصات القومية العربية كانت في بلاد الشام بعد حملة محمد علي والتدخل الأوروبي الذي تبع ذلك. في البداية كانت مطالب القوميين العرب محدودة بالإصلاح داخل الدولة العثمانية، واستخدام أوسع للغة العربية في التعليم والإدارات المحلية، وإبقاء المجندين العرب في وقت السلم في خدمات محلية. طرأ تشدد على المطالب إثر ثورة عام 1908 في الآستانة وبرنامج التتريك الذي فرضته حكومة جمعية الاتحاد والترقي (والمعروفة بتركيا الفتاة). إلا أنه حتى ذلك الوقت لم يمثل القوميون العرب تياراً شعبياً يعتد به حتى في سوريا معقلها الأقوى آنذاك، فمعظم العرب كان ولاؤهم لدينهم أو طائفتهم أو قبيلتهم أو حكوماتهم المحلية. عقائد الجامعة العثمانية والرابطة الإسلامية كانا منافسين قويين للقومية العربية. كانت أبرز الحركات القومية آنذاك متجسمة في جمعيات ونواد مثل جمعية العربية الفتاة والجمعية العلمية السورية والمنتدى الأدبي والجمعية القحطانية وجمعية العهد وغيرها.

في عام 1913 اجتمع بعض المفكرين والسياسيين العرب في باريس في المؤتمر العربي الأول. وتوصلوا إلى قائمة من المطالب للحكم الذاتي داخل الدولة العثمانية. وطالبوا كذلك ألا يُطلب من المجندين العرب في الجيش العثماني أن يخدموا خارج أقاليمهم إلا في وقت الحرب.

تزايدت المشاعر القومية خلال انهيار السلطة العثمانية. ساعد القمع العنيف للجمعيات السرية في دمشق وبيروت من قبل جمال باشا وإعدامه الكثير من الوطنيين في عامي 1915 و1916 على تقوية المشاعر المضادة للأتراك. وفي نفس الوقت قام البريطانيون من جانبهم بتحريض حاكم مكة، الشريف حسين على الثورة العربية خلال الحرب العالمية الأولى. هُزم العثمانيون ودخلت القبائل العربية الموالية لفيصل، ابن الشريف حسين، دمشق عام 1918. حينها شهدت القومية العربية أولى محاولاتها لإقامة المملكة العربية بقيادة الملك فيصل الأول.

يعتبر عزيز السيد جاسم أن رسالة الفكر القومي العربي هي مواصلة النمو والتطور والحماية من الركود والتخلف والتراجع.[7]

كان مسيحيو سوريا أكثر تحرراً من زملائهم المسلمين في النظرة إلى طبيعة الدولة الحديثة، فلم يكن لديهم هذا الالتباس مع الإسلام. وهذا ما تجلى في فكر بطرس البستاني واليازجيين، وأسهمت الأحداث الطائفية في لبنان وسوريا (1860-1861) بالانتماء المواطني على أساس القومية بعيداً عن التعصب الديني أو المذهبي.

شكل منتصف القرن التاسع عشر بداية واضحة للضعف العثماني، فقد خسرت تركيا الحرب مع روسيا واقتحمت فرنسا عدداً من ولاياتها. بدأت الحركات القومية الانفصالية في بلاد اليونان ووقع المغرب العربي تحت الاحتلال الفرنسي وانفصلت مصر عن الدولة، وشهدت بلاد الشام العديد من الانتفاضات الشعبية الفلاحية والحرفية. بدأت حركة من الإصلاحات داخل تنظيمات الدولة بهدف مواجهة هذه التحديات.[8]

جاء الفكر القومي منذ لحظته التأسيسية ردة فعل على انهيار الرابطة الإسلامية نتيجة الأزمة الحضارية الشاملة للإمبراطورية العثمانية وصعود الأفكار والمشاريع القومية، خصوصاً في الجزء الأوروبي من تلك الإمبراطورية، قبل أن يفكر العرب في إيجاد الطروحات والمسوغات الفكرية لمشروعهم القومي. لم يفكر العرب بداية في الانفصال عن الدولة العثمانية، حيث سبقت الحركة القومية حركة إصلاح اتجهت إلى إنقاذ الإسلام السياسي من التخلف الذي ظهر في المواجهة مع الغرب (حركة التنظيمات). حاولوا أن يبلوروا هويتهم القومية من أجل تحسين سبل المشاركة مع العثمانيين بوصف العرب أصحاب مساهمة أساسية في الحضارة، لأنهم قدموا للشعوب الأخرى رسالة الإسلام. سعى العرب حتى مرحلة متقدمة لأن يشكلوا دولة اتحادية، وطالبوا باللامركزية السياسية والاتحاد الفيدرالي مع الأتراك. هذا على الأقل ما كانت عليه الأمور حتى المؤتمر العربي الأول في باريس عام 1913. ولعل خير تجسيد لذلك حركة المفكرين العرب الإصلاحيين وكذلك المسلمين من جنسيات مختلفة، كجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، وشكيب أرسلان.

جاء العرب إلى الفكر القومي من باب إحياء الإسلام. ذلك أن العرب اعتبروا دائماً أن لهم الفضل الأكبر في الحضارة الإسلامية. واعتقدوا أن الإسلام السياسي غير العربي ساهم في التقهقر والتخلف ورأوا وجوب إحياء التراث العربي كمقدمة لمشروع النهضة. وليس مصادفة أن أول مهمة للإحياء العربي كانت متجهة إلى إحياء اللغة العربية وآدابها. فلم يكن العرب يفكرون في أنهم يمتازون عنصرياً على غيرهم من الشعوب التي شاركتهم في الدين الإسلامي. لذلك نجد أن الفكر القومي العربي غالباً ما ركز على التراث اللغوي، وبالتالي على المرجع اللغوي الأساس والحاضن للثقافة العربية، أي القرآن الكريم.

جاءت يقظة العرب القومية كمحاولة لإحياء الإسلام السياسي وليس للانفصال عنه. ظلت هذه الملابسة قائمة حتى الآن. بل إن العرب لم يفكروا في الانفصال عن الدولة العثمانية ولم يقطعوا حبل اتصالهم الديني بها إلا في فترة متأخرة مع انهيار الدولة العثمانية وسيطرة الاستعمار الأوروبي (حركة الشريف حسين 1916). كان الاهتمام بلغة الضاد هو الأول لاستنهاض العروبة، كما كانت العودة إلى نقاوة الإسلام الأول إيذاناً بالحديث عن الدور العربي في الإسلام.

وفي تلك الفترة اشتغل المؤرخون على فكرة التاريخ الواحد لسوريا، ومنهم المطران الماروني يوسف الدبس. سعى جرجي زيدان إلى إحياء التراث العربي من خلال سلسلة رواياته التاريخية. أما نجيب عازوري الكاثوليكي فقد أسس عصبة الوطن العربي في عام 1904 وأصدر مجلة عام 1907 تعنى بمسألة الاستقلال العربي. ويعتبر كتابه الأكثر أهمية “يقظة الأمة العربية” المنشور عام 1907 والذي يتحدث فيه عن أمة عربية مكونة من مسيحيين ومسلمين. ووجوب إقامة دولة على أسس دستورية وليبرالية.

إن عبد الرحمن الكواكبي مثلاً (1849 – 1903) الذي كتب “طبائع الاستبداد” و”أم القرى” عالج بصورة أساسية تخلف الإسلام بسبب غياب الدولة المستندة إلى الحرية وإحكام العقل، وهو إذ يدعو إلى إعادة الدولة إلى سكة العدالة يدعو إلى نقل السلطة إلى أولئك الذين قدموا رسالة الإسلام بصفته النظام العادل. لكن مع ظهور الحركة القومية التركية وصعود “تركيا الفتاة” والنزعة الطورانية تطور موقف غالبية المثقفين العرب باتجاه بلورة المشروع القومي وقد كانت بداية هذا المسار المؤتمر العربي الأول الذي انعقد في باريس عام 1913.

لكن أفكار هؤلاء المثقفين بقيت تطالب باللامركزية إلى زمن الحرب العالمية الأولى (1915) وقيام الحركة العربية بقيادة الملك فيصل (1916) جراء الوعود الغربية بتحقيق استقلال العرب. لذلك نجد أن المفكرين القوميين الذين بلوروا المشروع القومي باتجاهاته المختلفة في مطلع القرن العشرين أو النصف الأول منه قد تأثروا بهذه العناصر، فلم يتجه الفكر القومي العربي إلى العنصرية (الجنسية) القومية كأساس في المشروع القومي، فهم ركزوا بصورة أساسية على اللغة والثقافة (ومنهم بشكل خاص قسطنطين زريق) أو كما هو الحال المفكر العربي ميشال عفلق، الذي رأى في الإسلام روح الأمة ورسالتها الحضارية. أو حتى انطوان سعادة في نظرته إلى المتحد القومي على أساس علماني غير معادٍ للدين. (المسألة الكردية والأمازيغية والقبطية) لولا أن الممارسة السياسية للنظام السياسي العربي جاءت في اتجاه مختلف. من هنا نعتقد أن فكرة العروبة كرابطة حضارية هي أفضل ما يمكن أن يعاد بناء الفكر القومي عليه في المرحلة المعاصرة. العروبة بصفتها الهوية الثقافية والحضارية غير المعادية للتراث الديني بتفرعاته الإسلامية والمسيحية.[9]

اطّلع المثقفون العرب على الفكر القومي الغربي (الأوروبي) بصيغته النظرية قبل أن يتجسد في الدولة القومية في النصف الأول من القرن العشرين. لكن هذا الفكر القومي ارتبط بأفكار النهضة بداية وعنى بشكل خاص موضوع الإصلاح. لقد بدأت فكرة الدولة القومية كمشروع لبناء دولة حديثة مرتبطة بتطور الاقتصاد وحق الأسواق البرجوازية بالحدود والحماية. قاوم هذا الفكر الهيمنة السياسية للكنيسة والإقطاع. الكنيسة بما هي مشروع فوق قومي والإقطاع بصفته عنصر تجزئة وتخلف في وجه السوق القومي واحتياجاته للتوسع والنمو.

دور الجمعيات العربية في بداية القرن العشرين ،،
بدأ نشاط الجمعيات والتنظيمات القومية العربية بعد انقلاب عام 1908 الذي قادته جمعية الاتحاد والترقي والذي أدى إلى بروز عنصرية معادية للعرب وفرض سياسة التتريك على العرب. ولأن الاتحاديين قاموا بحل الجمعيات العربية التي كان معظمها ينادي بالإخاء العربي التركي، لجأ العرب إلى العمل السري من خلال الجمعيات التي كان أهمها الجمعية القحطانية (1909) وجمعية العربية الفتاة (1911).

القرن الحادي والعشرين ،
تراجعت مشاريع الوحدة العربية نتيجة لعوامل عديدة داخلية وخارجية أهمها فشل الوحدة السورية المصرية وهزيمة حزيران 1967 والتناحر بين التيارات القومية وخاصة بين البعثيين والناصريين واتفاقية كامب ديفيد. أدى تراجع المشروع القومي إلى صعود القطرية والمشاريع الوطنية كبديل للمشروع الوحدوي العربي. وبعد عقدين أو أكثر من الانكفاء القطري والتناحر العربي الداخلي، ظهر فشل المشاريع القطرية في تحقيق التنمية والحرية والسيادة، بل ازدادت الخلافات ونشبت حروب أهلية داخل القطر الواحد وحروب بين الأقطار. وكرد على فشل المشاريع القطرية، يؤمن مفكرو القومية العربية أن الأصل في الوحدة، لأن الوحدة المنسجمة هي خير محض، وأن التجزئة القطرية عارضة ومصطنعة بدأها الاستعمار واستكملتها أنظمة الحكم القمعية لتقوية الشعور القُطري وواقع التجزئة والحفاظ على عروش اغتصبوها وكراسٍ لم يستحقوها. ومن الأدلة الواضحة على هذا الإبعاد المتعمد للشعب عن فكرة القومية إحياء النزعات العرقية (من فرعونية وفينيقية وإفريقية، الخ) ورفع شعارات القطرية بكل وضوح ووقاحة أحياناً، مثل شعار “الأردن أولاً” و”لبنان أولاً” الخ، واستبدال العربية بالإنكليزية أو الفرنسية وتصوير العربية كلغة الطبقات الدنيا في المجتمع. وما حدث من تجييش إعلامي وتضخيم سياسي لمباراة مصر والجزائر والتداعيات الخطيرة قبلها وخلالها وبعدها كان قمة السقوط للأنظمة الحاكمة. ولذلك فهي حالة شرّ وفساد. تبدأ هذه الوحدة من وحدة اللغة والمشاعر والثقافة والتاريخ والجغرافيا وتستمر بحكم التحديات المشتركة (حالة الاستعمار والتخلف والجهل). وأضيفت في الأدبيات القومية الأخيرة (مثل المشروع النهضوي العربي) مسألتا المستقبل المشترك والمنافع المشتركة (التكامل الاقتصادي) كدوافع إضافية لنشوء الوحدة العربية. بعد التجارب السابقة وتحكم فئات لم تؤمن بالقومية العربية في مصير أنظمة حسبت على القومية العربية، تنبه المفكرون القوميون إلى أهمية الديمقراطية ودولة المواطنة في الفكر القومي العربي. وبالتالي أصبح الطرح أكثر موائمة للواقع الحالي للأقطار العربية ولمخاوف المواطنين من استبدال النظام القمعي القطري (سواء كان طائفياً أو فئوياً أو عشائرياً أو إقليمياً) بنظام قمعي قومي أكثر قوة وشرعية. من شأن هذا الطرح الجديد أن يجذب فئات متخوفة أو معارضة تقليدياً للمشروع القومي مثل الأقليات العرقية والدينية.

بعد الربيع العربي
بعد أحداث الربيع العربي، وصل التيار الإسلامي إلى السلطة في عدة أقطار عربية أبرزها تونس ومصر وليبيا. إضافة إلى ذلك، استلمت تيارات دينية شيعية السلطة في العراق بعد الغزو الأمريكي وسقوط نظام صدام حسين. مر العراق منذ عام 2005 بأخطر أزمة طائفية منذ الغزو الصفوي واحتلال بغداد في القرنين السادس عشر والسابع عشر. هذا العنف الطائفي المستمر تفاقم مع انطلاق الثورة السورية وقمعها الدموي من طرف النظام وحلفائه الشيعة،[10] مما أدى إلى احتقان طائفي[11] وعمليات انتقام نفذتها مجموعات من المعارضة السورية.[12] دعت هذه الأحداث المثقفين العرب لنبذ العنف والتفكير في مشروع عربي إسلامي جديد ينهض بالأمة.[13] وفي هذا السياق، برز التوجه القومي العربي للمرشحين الاثنين لانتخابات الرئاسة المصرية 2014؛ عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي، وشبه المحللون الاثنين بجمال عبد الناصر، وعادت إلى الواجهة الإشارة إلى القضايا القومية العربية ومواجهة التحديات التي تواجه الأمة العربية، ومحاولة إقامة دولة الوحدة العربية.[14]

وفي هذا السياق، يرى وزير الإعلام السوري السابق محمد أحمد الزعبي أن الأفكار والمبادىء البعثية التي ناهز عمرها نصف قرن، ما تزال أفكارا تنبض بالحياة، وتعبر عن حركات التحرر الوطني العربية، التي تجسدها ثورات الربيع العربي، ولهذا باتت الشعارات الثلاثة التي تمثل خلاصة فكر عفلق (الوحدة والحرية والاشتراكية) شعارات العديد من حركات التحرر في مختلف أقطار الوطن العربي. وجسب الزعبي، فإن الممارسات الخاطئة التي مارستها وتمارسها قوى وعناصر سياسية وأيديولوجية حملت وتحمل اسم البعث هي انحراف بيّن عن الفكر الحقيقي للبعث، وعن فكر قائده المؤسس أحمد ميشيل عفلق، ولا سيما فيما يتعلق بالممارسة الديمقراطية وحقوق الإنسان.[15]

مؤسسو الفكر القومي العربي الحديث

كانت بدايات الفكر القومي العربي الحديث في سورية في ظل الحكم العثماني وحالة التردي الذي أصاب السلطنة العثمانية في القرن الأخير من عمرها. في هذه الظروف، وخلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين برز عدد من المفكرين القوميين الذين كان لهم الفضل في وضع اللبنات الأساسية للفكر القومي العربي ومن أبرز هؤلاء:

ساطع الحصري
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: ساطع الحصري
كانت الوحدة العربية محور كل كتابات ساطع الحصري.[16] كان ساطع الحصري مثقفا ومهتما بمجال التعليم بالدرجة الأولى بحكم عمله في التدريس. يعد الحصري من أوائل الذين وضعوا لبنات الوحدة الثقافية باعتبارها خطوة على طريق تحقيق الوحدة العربية. كانت رؤية الحصري الثقافية تركز على تعزيز اللغة العربية وإحياء التاريخ العربي وتحقيق وحدة المناهج التعليمية في الوطن العربي ورفض وجود أدب قطري بديل عن الأدب العربي.

رفض الحصري الكيانات السياسية المصطنعة التي تخدم الاستعمار ودعا إلى دولة عربية واحدة شاملة. عارض أيضًا انصهار الأمة العربية ثقافيا في أطر أعم مثل ثقافة البحر المتوسط ورأى أن تحقيق الوحدة الإسلامية مستحيل بحكم تعدد القوميات والثقافة، ولكن تحقيق التضامن الإسلامي واجب.عارض ساطع الحصري الدعوة الشيوعية الأممية واعتبرها مدمرة للفكر الوحدوي وتسعى أنها تسعى إلى القضاء على الروح القومية العربية لصالح الروح الأممية.

رغم اعتراف الحصري بأهمية المصالح الاقتصادية، إلا أنه رفض أن تكون هذه المصالح الاقتصادية شرطًا لتحقيق الوحدة، لأن مقومات الوحدة بالنسبة له كانت مبدئية. رفض الحصري أيضًا المشاريع الوحدوية الإقليمية (مثل وحدة وادي النيل والهلال الخصيب والمغرب العربي) لأن هذه قد تعيق الوحدة العربية الشاملة.[18] كان الحصري يعلق على مصر آمالًا عريضة بأن تلعب دور دورًا محوريًا في تحقيق الوحدة العربية كما كان دور بروسيا في تحقيق الوحدة الألمانيه،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق