أخبار عالميهالرئيسية

إيمانويل ماكرون.. الشاب الذي أطاح بيسار فرنسا ويمينها (بروفايل)

 

فوزه بالدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية التي جرت، اليوم الأحد، كان متوقعاً من قبل العديد من المراقبين.

المرشح الوسطي المستقل، إيمانويل ماكرون، هز المشهد السياسي الفرنسي بحصوله على 23.7% من أصوات الناخبين، وفق النتائج الأولية للدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وهو الشاب الذي لا يزال “فتي العود” سياسياً، كما يقول خصومه وحتى أنصاره، وهذا ما كان يثير الشكوك حول قدرته على الإطاحة بمنافسيه.

شاب في الـ 39 من عمره يقف أمام مفترق طريق بين اليمين واليسار؛ فلا هو ابن عائلته الاشتراكية، ولا هو ابن اليمين، مع أن الكثيرين يقولون إنه يميني أكثر من اليمينيين أنفسهم، وأنه “المرشّح المقنّع” لهذا التيار.

** خارج التصنيف السياسي

عندما أسس ماكرون حركته “إلى الأمام” في أبريل/نيسان 2016، وأعلن في 16 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه ترشحه للرئاسية الفرنسية، أقام الدنيا ولم يقعدها، وجذب الأضواء من كل التيارات، وبدأ خطابه منفصلا عن التصنيفات السياسية.

توجّه إلى المسنّين، المصابين بخيبة أمل من الطبقة السياسية الفرنسية، وإلى الشباب صاحب الأفكار المستقبلية، وإلى اليمين واليسار، فكان تارة ليبرالياً مدّثراً بنهج الرئيس الفرنسي الحالي فرنسوا أولاند، وطورا محافظا ومعاديا لنهج معلّمه، حتى بدا وكأنه يريد كسب الودّ السياسي من الجميع.

مختص في المالية والاقتصاد، تخرّج ماكرون من “المدرسة الفرنسية للإدارة” في 2004، قبل أن يعمل مصرفيا لصالح بنك الأعمال “روتشيلد”.

انخرط في “الحزب الاشتراكي” بين عامي 2006 و2009، قبل أن يعين في 2012 نائبا للأمين العام لمكتب رئيس الجمهورية، ثم وزيرا مكلفا بالاقتصاد العام 2014 في حكومة مانويل فالس الثانية.

مرشّح “زئبقي” بامتياز.. هكذا اتفقت العديد من وسائل الإعلام الفرنسية على وصفه؛ لأنه كلما ضاق عليه الخناق عقب تصريح أو موقف ما، وجد سريعا منفذا للهروب أو للمواجهة، حتى أن الكثيرين يتهمونه بـ”الإزدواجية”، فيما يقول هو مدافعا عن نفسه بأنه “براغماتي وحرّ”.

** كسر “محرمات” بلاده

يعتبر ماكرون أن عدم كسر حاجز الصمت هو ما يراكم الأحقاد لدى ضفتي البحر المتوسط، غير أن وصفه استعمار بلاده للجزائر، خلال زيارة له للأخيرة في 15 فبراير/شباط الماضي، بـ”الجرائم ضد الإنسانية”، صدم جزءا كبيرا من الذاكرة التي يسعى جاهدا لتوحيدها.

خصومه السياسيون وحتى البعض من أنصاره عابوا عليه ما اعتبروه “سوء تقدير للمكان والزمان والمصطلحات”، مع أن تصريحه ذاك لاقى ترحيبا كبيرا من الجزائريين الذين لا يزالون بانتظار اعتذار رسمي من فرنسا على جرائمها خلال أكثر من 132 عاما من الاستعمار.

في 20 مارس/آذار الماضي، فاجأ ماكرون الجميع، خلال أول مناظرة تلفزيونية بين أبرز مرشّحي الرئاسة (فرانسوا فيون/ مرشح اليمين، وبنوا آمون مرشح اليسار، وجان لوك ميلونشون مرشح اليسار الراديكالي)، حيث أظهر تأييده لهذا الموقف وذاك التحليل أو الإجراء.

** مرشح “غامض وبلا برنامج”

بداية مارس/آذار الماضي، طرح ماكرون برنامجا انتخابيا قال إنه “يقترح تغييرا شاملا في الساحة السياسية والاجتماعية بفرنسا، تحت شعار لا يمين لا يسار”.

بدا من الواضح أن الرجل يسعى لاستمالة ناخبي التيارين، حتى أنه لم يتوان عن كسر “مقدسات” عائلته اليسارية التي ترعرع فيها، ليطرح مقاربة تجمع من هذا التيار ومن ذاك.

“خليط غير متجانس” وفق مناوئيه؛ إذ عاب عليه الكثير من قادة التيارين المزج بين قطبين متناقضين، معتبرين أن النتيجة الحتمية ستكون سلبية، حتى أنها قد تلغي القيمة السياسية للبرنامج والاعتبارية الذاتية للمرشح.

البرنامج الاقتصادي لماكرون يجمع بين التقشف والاستثمار، ويقترح تمييزا إيجابيا لتوظيف سكان الضواحي، مع إنشاء 10 آلاف وظيفة جديدة في الشرطة والدرك لتعزيز الأمن، بالإضافة إلى توفير 15 ألف مكان إضافي في السجون.

أما الضريبة على المسكن، فيرى المرشح الرئاسي أنها تشكل عبئا كبير على الفرنسيين، ووعد بالعمل على تخفيضها.

وبالنسبة للمساعدات البديلة عن البطالة، قال ماكرون إنه سيمنعها عن العاطلين عن العمل في حال رفضوا وظيفتين متتاليتين.

وسياسيا، اقترح تحديد قواعد أخلاقية يضع بموجبها حدا للمفاضلة، لمنع النواب خصوصا من توظيف أقاربهم في وظائف هامة أو وهمية.

أما في المسائل ذات الصبغة الاجتماعية، فيظهر برنامجه تقاربا مع اليسار؛ فهو يساند “الزواج للجميع”، ويدعو إلى الاعتراف بالأطفال المولودين لأمّ حاملة للجنين خارج البلاد، ويعارض تجريم استهلاك الحشيش (القنب).

في التعليم أيضا، يظهر ماكرون جوارا إيديولوجيا واضحا مع اليمين، حيث يقترح منح الأولوية للمرحلة الإبتدائية وبالتراجع عن هيكلة المرحلة الإعدادية.

برنامج أظهر تداخلا بين تيارين احتكرا لقرون من الزمن المعركة السياسية في فرنسا، حتى بات من الصعب على الناخبين تبيّن ملامح الرجل السياسية، وربما كانت تلك الميزة هي ما منحه الأسبقية في صناديق الإقتراع اليوم، ومكّنه من تأشيرة العبور إلى المواجهة الكبرى مع مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان صاحبة المركز الثاني (21.7 %).

المصدر : ليلى الثابتي / الأناضول

 

مقالات ذات صلة

إغلاق