نشاطات

كتب ألروائي : محمد علي سعيد لهمسةسماء ألثقافه – رواية بعنوان ,,ألوظيفه,,

قصة قصيرة
12525515_10208461791679647_4712667353740186678_o

عدت إلى مكان عملي بعد غياب طويل ، توجهت زارعا خطاي إلى غرف الإدارة…
استقبلتني سكرتيرة جميلة وناعمة، لا اعرفها ولا اعتقد انها تعرفني…
طلبت الإذن لمقابلة المدير .. لم تكترث لطلبي واستمرت في حديثها التلفوني .. تبتسم وتضحك وتتلوى في دلال .
طلبت الإذن مرة ثانية .. وثالثة، رفعت رأسها.. ركزت عينيها في واخترقتني نظراتها الحالمة وبصوت غنج
– ألست السيد .. .؟!
– وحضرتك ؟
ابتسمت في ذكاء ، وأشارت إلى بالجلوس فجلست
– يبدو أنك تنسى …
تأملتها جيدا ، استحضرت ما استطعت من ذاكرتي . حاولت أن اخترقها بنظراتي .. وقبل أن أقول شيئا.. رأيت منديلا اسود قديما يقترب منها راقصا .. لم اعرف من أين جاء ؟ ولا ماذا يريد ؟ انجذبت إليه أراقبه في دهشة وفمي ما زال مفتوحا ..
رقص المنديل حولها واقترب كثيرا من وجهها فنزع الرموش الصناعية واستمر راقصا بنشاط أكثر ومسح المكياج عن خديها ووجنتيها وشفيتها ورقص بانفعال أكثر وأزال الكحل والألوان عن عينيها …
ثم اقترب من رأسها ، فتحول شعرها الأشقر الناعم المسرح إلى اسود خشن فوضوي ..
وأخيرا حط على رأسها ضاغطا شعرها ومنعقدا تحت ذقنها تاركا طرفيه كأذني الغنمة وكاشفا عم وجه شاحب حزين وغامض .
وقبل أن يستقر نهائيا تبدلت ملابس السكرتيرة فإذ بها تلبس فستانا رثا ومشدودا عند خصرها بدل التنورة الضيقة والقصيرة والثوب الضيق والقصير الأكمام أيضا ، وتنتعل حذاء قديما متهرئا بدل الكعب العالي .
أسرعت لأضع كفي على فمي وانفي وعيني لأتحاشى رائحة الطبيخ وأدوية الغسيل والنظافة التي حلت محل رائحة العطر الزكي والذكي والمثير .
– يا الهي.. كيف لم أعرفك ؟
– ها .. وأخيرا عرفتني يا أستاذ.
– نعم .. أنت عاملة النظافة أم …
– احترم نفسك يا أستاذ … أنا السيدة أم …
– ولكنك أنت .. الشغل ليس عيبا .
– عاملة النظافة.. كان هذا في الماضيِ و ألان أنا سكرتيرة.
– منذ متى ؟
– منذ ثلاث سنوات تقريبا.
– وتقدمت في سلم الوظائف ؟
– نعم .. والفضل يعود إلى المدير الذي يقدر الكفاءات .
– على أي حال مبروك .. أريد مقابلة المدير .
– المدير مشغول جدا .. بإمكانك مقابلة نائبه .
– فليكن
تقدمت ، وبهدوء قرعت الباب ثلاثا ، ” ادخل ” ، فدخلت . وقبل أن أتحقق من شخصية نائب المدير القابعة وراء الطاولة ، حانت مني التفاته إلى السكرتيرة ، عاملة النظافة ، السيدة أم .. وإذا بها تبتسم في دهاء أو ربما تضحك أو ربما تقهقه .

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

إغلاق