الرئيسية

الوسامة الداخلية بقلم د. قمره بنت حطاب السبيعي

شاعر الأمة محمد ثابت

الوسامة الداخلية

بقلم د. قمره بنت حطاب السبيعي

ليست الوسامة ملامحَ تُرى، بل حضورٌ يُحسّ.

هي ذلك الضوء الهادئ الذي يشبه الأناقة في الصمت، والصدق في النظرة، واللطف في الخطى.

هي أن تمرّ من المكان فتترك أثرًا جميلاً دون أن تُحدث ضجيجًا،

كعطرٍ خفيفٍ لا يُعلن نفسه، لكنه يبقى.

الوسامة الداخلية لا تُصنع بالمرايا، بل تُصاغ في الداخل؛

حيث تسكن النية الطيبة، ويتربى الذوق، وتُهذّب ردّات الفعل.

إنها فنّ أن تكون صادقًا دون قسوة، حاضرًا دون اقتحام،

وأن تمتلك من الحكمة ما يجعلك تختار متى تقترب، ومتى تصمت.

ليس كل من يجيد الكلام حسن الحضور،

ولا كل من يبتسم يُتقن اللطف.

الوسامة الداخلية هي الانسجام بين الفكر والمشاعر والسلوك،

حيث ما يقوله القلب تترجمه الملامح قبل الكلمات.

فنّ إدراك المسافات في العلاقات ضربٌ من الذكاء العاطفي،

فلا القرب الدائم دليل على المحبة،

ولا البعد يعني القطيعة.

لكل علاقة مسافة تحفظ الود، ولكل مساحة احترامها الخاص.

أن أختلف في المبدأ أو القيمة لا يعني إقصاءك،

بل يعني أنني أحترم قوانين المكان وخصوصية الاختلاف.

فاللباقة لا تعني التنازل،

والدبلوماسية لا تعني أن نُذيب حدودنا لإرضاء الآخرين.

من حقي أن أضع قوانيني الخاصة، لا حربًا ولا تحديًا،

بل احترامًا لنفسي ومساحتي.

حين أطلب أن تُحترم اختياراتي ما دمت لا أتجاوز ولا أؤذي،

فذلك ليس إعلانًا للرفض، بل دعوة للتوازن؛

فالدبلوماسية الحقيقية أن نلتقي في منتصف المسافة دون أن نفقد ملامحنا الخاصة.

ليس بيني وبينك خلاف،

لكنني أُدرك المسافة بلطف،

وأحرس سلامي بهدوءٍ،

كما يحرس الضوءُ ظلَّه.

أن تكون وسيمًا داخليًا،

هو أن تحضر بقلبك قبل ملامحك،

أن تكون صادق الفكر، رقيق الشعور،

تُشبه ضوءًا يقرأ الشعور قبل الملامح،

ويمرّ في الحياة برقيّ الذين لا يزاحمون، بل يُضيئون.

إغلاق