مقالات

رؤية سلسلة جديدة موجّهة لجيل الشباب * هذه السلسلة يكتبها د. محمد طلال بدران – مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية – سلسلة مكونة من إثنَتَيْ عشرَة مقالة، عنوان السلسلة: * جيل التغيير: لا تنتظر دورك، اصنعه بنفسك

مقالة تمهيدية وافتتاح أولى مقالات هذه السلسلة (1)

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
– في عالم سريع التحوّل، تتغيّر فيه القيم، وتتزاحم فيه الأحداث، لم يعد السؤال: متى يأتي التغيير؟ بل أصبح: من سيصنعه؟ وبينما يعيش كثيرون في دائرة الانتظار والتفرّج، تُصنع التحوّلات الكبرى بأيدٍ بادرت، وخطت، وتأثرت فأثّرت.
– أوجّه هذه السلسلة إلى شبابٍ يؤمن أن له دورًا، لكنه قد لا يعرف من أين يبدأ، شبابٍ يشعر بالغربة في مجتمعه أحيانًا، لكنه لا يزال يحمل في داخله شعلة أمل، شبابٍ ملّ من التهميش، لكنه لم يتخلَّ بعد عن حلم التأثير.
– نعم، لا أعدك في هذه السلسلة بوصفات سحرية، لكنني أحاول مد لك يدًا لتنهض، أحدثك بلغة تحترم وعيك، وأسير معك خطوة بخطوة في درب التغيير الذاتي والاجتماعي. فابد معي من أول مفترق:
* من المتفرّج إلى الفاعل: أول خطوة لصناعة التغيير
– اعتدنا أن نعلّق من بعيد: “الوضع سيئ”، “الجيل ضايع” “الناس تغيّرت”… لكن قليلين هم من سألوا أنفسهم: “وأنا، ماذا أفعل؟”
الفرق بين المتفرّج والفاعل ليس في الذكاء ولا الشهرة، بل في القرار، المتفرّج يرى الخطأ ويشكو منه، أما الفاعل فيتساءل: كيف أبدأ بإصلاحه؟ ليس لأن لديه كل الحلول، بل لأنه قرر أن لا يقف على الهامش.
– أَن تتحول إلى فاعل لا يعني أن تقود حملة عالمية، بل أن تترك بصمتك في المساحة المتاحة لك: في صفّك، في بيتك، في حيّك، على منصاتك، في كلمةٍ تكتبها، أو سلوكٍ تلتزم به، أن تعيش بفكرة أنّ “ما أستطيع فعله، لن أؤجّله”.
– كلّ تغيير عظيم بدأ بخطوة صغيرة، وصانعوا الأثر لم يولدوا مُمَيزين، بل تميّزوا عندما قرروا أن لا ينتظروا أحدًا، في زمن كثرت فيه الأعذار، فإنّ أقلّ درجات التأثير تبدأ برفض السلبية، وتبدأ بأبسط سؤال: ماذا بوسعي أن أفعل الآن؟
– كم من شاب ظنّ أن جهده لا يُذكر، ثم كانت كلمته، أو فكرته، أو موقفه، سببًا في إلهام غيره، أو إنقاذ فكرة كانت على وشك أن تُطفأ، وكل من أحدث أثرًا كان في بدايته فردًا عاديًا، لكنه كان صادق النية، واضح الاتجاه، ومبادرًا لا مترددًا.
– التغيير لا يحتاج إلى ضوء إعلام ولا تصفيق الجماهير، بل إلى ضمير يقِظ، ونفس مسؤولة، أن تسير في طريق الإصلاح ولو وحدك، خير من أن تنتظر قافلة لم تُصنع بعد، تذكّر أن النّور لا يأتي دفعةً واحدة، بل ينساب شُعاعًا بعد شعاع، حتى يُبدِّدَ الظلمة.
– ربما لن ترى النتيجة غدًا، لكنك حتمًا ستكون بدأت صناعة فرقٍ ما، وبدل أن تسأل بعد سنوات: “لماذا لم يتغيّر شيء؟”، ستكون جزءًا من الإجابة، فالعالم لا يتحوّل عبر الحياد، بل عبر مَن اختار أن لا يكون عاديًا في زمن الركود.
– إن هذه السلسلة ستضع بين يديك خطوات، وأفكارًا، وقِصصًا، وأمثلة حقيقية من الواقع، تدفعك لتوسيع إدراكك، وتحرير طاقتك، والنهوض بمشروعك، ليس بالضرورة مشروعًا ماديًا، بل مشروع وعيٍ ورسالةٍ وتغيير. فالخطوة تبدأ منك.
– وإذا كان التغيير حلمَ كل جيل، فإن صناعته مسؤولية كل فرد، فكن أنت ذاك الفرد الذي لا ينتظر أن يطرق التغيير بابه، بل ينهض، ويطرقه هو على أبواب الحياة،
ليس من الضروري أن تكون البداية صاخبة أو معقدة، فالعالم مليء بالمبادرات التي بدأت بخطوة بسيطة، من يظن أن لا قيمة لما يمكن أن يفعله، قد يكتشف لاحقًا أن تلك الخطوة هي ما كان ينقص المجتمع، ولا تنسَ أن الفاعلين اليوم هم من كان حلمهم بالأمس مجرد فكرة عابرة، لكنهم عزموا على اتخاذ أول خطوة، فاستطاعوا أن يشعلوا النار في قلوب الآخرين.
– كما أنه ليس من الحكمة أن تنتظر الظروف المثالية. فقد يظل الكثيرون في انتظار التوقيت الأنسب، لكن هذا التوقيت قد لا يأتي أبدًا، لذلك، يُعدّ التغيير خطوة جريئة تقتضي منك المغامرة والإقدام على عمل قد يكون صعبًا في البداية، لكنه يظل الحل الوحيد لتحقيق الأثر الحقيقي.. ولكم مني التحية والمودة والاحترام
* عنوان مقالة الغد مع المشيئة: ” الخروج من قوقعة “مش شغلي”: لماذا ننتظر أن يبدأ الآخرون؟
* اللهم احقن دماء المسلمين واجعلهم أذلة على أنفسهم أعزة على الكافرين.
* مقالة رقم: (1942)
* 28. شوال . 1446 هـ
* ألسبت. 26.04.2025 م
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق