شعر وشعراء

أبي (رحمه الله تعالى، ورحم جميع من فارقونا من الآباء)”

أبـي ومـن مثـلُ الأبِ فـي عـزّةٍ
هو بالجلالةِ والوقارِ مُـذهَّـبُ
سـدّ الـفـراغَ إذا تـنـاءى حـامـلي
وثبَتّ في ليل الشدائدِ يُنصَبُ
كـم راحَ يـشـحـذُ هـمّـتي بـدعـائـه
وصـبـرتُ والأحزانُ فـيّ تـلـتـهـبُ
إن غبتَ عن عيني فطيفُك حاضرٌ
والذِّكرُ في قلبي سناه يُلهِبُ
هـذا أبي، فـإذا ذكرتُ مـنـاقبـًا
خـجـلَ اللسانُ وسال دمعٌ يُسكَبُ
كـم قـال: كنْ لله عبدًا خاشعًا
يُرفعْ مقامُك، لا يضيعُ المرتَبُ
رحلَ الحبيبُ، فهل يُعادُ لناظري
طيفُ الأبِ أم أنّ ذاكَ يُكْتَبُ؟
يا ربّ فارفعْهُ الجِنانَ برحمةٍ
إنّي فقـدتُ النورَ، والقلبُ مكتئبُ
يا من غرسـتَ الدينَ فـي أقوالِـنـا
وسقيتَنا خُلقَ النبـيِّ الأهيبُ
كـم قـد حملـتَ همومَ بيتـك صابرًا
وبصدرِك الداءُ الثقيلُ منسكبُ
ما كنتَ تسألُنا الجزاءَ وإنما
ترجو من اللهِ الجزيلَ وتَحتسبُ
علّمتنا معنى الرجولة والتُّقى
ومضيتَ والعينانِ بالدمعِ تَصَبَبُ
قد كنتَ فينا كالجدارِ متينهُ
وإذا اشتكينا كان إليكَ المهربُ
يا طيبَ نفسٍ، يا نقيَّ سريرةٍ
بذكراكَ قلبُ العارفينَ يُطرَبُ
ما كنتَ تعرفُ للحياةِ مَذلّةً
بل كنتَ إن جار الزمانُ تحتسبُ
وإذا الليالي أقبلتْ بسوادِها
كنتَ الضياء وسعيُك المُستعتَبُ
رحلتَ عن دنيانا وما رحلْتَ بداخلـي
بل كـلُّ شـريانٍ بـحبّـك ينبضُ
سنراكَ في دارِ النعيمِ مُكرَّمًا
إن شاء الإله في موعدٍ يقتربُ
موعدُ لقانا عندَ ربٍّ عفوٍ رحيمٍ
ترجُو القلوبُ، وسعيُها لا يَذهَبُ

بقلم: د.. محمد طلال بدران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق