ثقافه وفكر حر

لغتنا الجميلة في علم البيان و البديع / خالد خبازة

لغتنا الجميلة

في علم البيان و البديع

البحث السادس

الالتفات .. من أنواع المحسنات البديعية

في أبحاثنا الخمس الماضية .. تحدثنا عن عدد من المحسنات البديعية وكانت أبحاثنا في كل من الاستعارة و الكناية و الطباق و الجناس والتورية و المقابلة .. و قد صغنا البحث في كل منها في بحث مستقل و طرحنا أمثلة على كل منها
و الأن سيكون بحثنا في

الالتفات

هو الاعتراض عند قوم .. و سماه البعض الاستدراك .. و سبيله .. أن يكون الشاعر آخذ في معنى , ثم يعرض له غيره .. فيعدل عن الأول الى الثاني فيأتي به ،.. .. ثم يعود الى الأول لتكملة المعنى .. كقول كثير :

لو أن الباخلين ، و أنت منهم .. رأوك ، تعلموا منك المطالا

فقوله : و أنت منهم .. هو الالتفات .. أو الا عتراض

و قال النابغة الذبياني :

ألا زعمت بنو عبس بأني … ألا كذبوا.. كبير السن فاني
فقوله : ألاكذبوا .. اعتراض ، و هو الالتفات .
و أنشدوا في لالتفات لبعض العرب

فظلوا بيوم ، دع أخاك بمثله … على مشرع يروي و لما يصرّد

و هذا التفات مليح في قولك ” دع أخاك بمثله ”

و قال جرير يرثي امرأته أم حرزة :

نعم القرين .. و كنت علق مضنة … وارى بنصف بلية الأحجار

فقوله : و كنت علق مضنة هو الالتفات
و قال عوف بن محلم لعبدالله بن طاهر

ان الثمانين .. و بلّغتها … قد أحوجت سمعي الى ترجمان

قوله : و بلغتها .. التفات رائع و من أجمل الالتفاتات قول النابغة الذبياني :
و لست بمستبق أخا لا تلمّه … على شعث .. أي الرجال المهذب

و الالتفات هنا في قوله .. أي الرجال المهذب

عن اسحق الموصلي أنه قال :
قال الأصمعي : أتعرف التفات جرير ؟
قلت : و ما هو ؟
فأنشدني :
أتنسى اذ تودعنا سليمى … بعود بشامة .. سقي البشام

ثم قال :
أما تراه مقبلا على شعره ، اذ التفت الى البشام داعيا له

وأنشد له عبدالله بن المعتز

متى كان الخيام بذي طلوح … سقيت الغيث أيتها الخيام

و من الالتفات الجميل قول زهير بن أبي سلمى

سئمت تكاليف الحياة و أن تعش … ثمانين حولا – لا أبالك – تسأم

ففي قوله .. لا أبالك .. التفات جميل جدا أيضا
و قد أحسن ابن المعتز في العبارة عن الالتفات بقوله .. أنه ” انصراف المتكلم من الاخبار الى المخاطبة .. و من المخاطبة الى الاخبار ” . و تلا قوله تعالى :

” حتى اذا كنتم في الفلك ، و جرين بهم بريح طيبة ”

و من مليح الالتفات .. قول نصيب :

وددت .. و لم أخلق من الطير أنني … أعار جناحي طائر فأطير

فقوله : و لم أخلق من الطير .. منتهى الجمال في الالتفات

و من المستحسن في الالتفات .. قول عدي بن زيد العبادي وهو في حبس النعمان يخاطب ابنه زيدا و يحرضه :

فان كنت الأسير .. و لا تكنه … اذا لقد علمت معد ما أقول

و في قول المتنبي مخاطبا سيف الدولة :

فان تفق الأنام – و أنت منهم – … فان المنسك بعض دم الغزال

أنت منهم هو الالتفات

أكتفي بهذا القدر .. و ارجو أن أكون قد وفقت

خاد خبازة

المراجع : عدد من كتب التراث

مقالات ذات صلة

إغلاق