مقالات

البحر ما زال يزأر! بقلم: الدكتور كوتيل محمد علي ترجمة مختصرة: عبد الحفيظ الندوي

“من اعتقد أن البحر قد هدأ، فهو مخطئ. حتى اليوم، أعماقه مليئة بالاضطراب، ونظراته وسلوكياته تعكس قلقًا جليًّا. فلماذا يبدو الشيخ ماموني قلقًا؟ رجل تجاوز الثمانين من عمره، عاش قرنًا في أعمال البر والتقوى! إنسان ملأ قلبه الرحمة والمحبة، ونشر الخير في أرجاء الهند. شخص نادر التكرار في نقائه وطهره. ومع ذلك، في أمسيات حياته، لماذا لا يجد الراحة والطمأنينة؟ الإجابة واحدة – الشيخ ماموني لم يطمئن بعد!”

“لقد ضمّ اليتامى والمحتاجين إلى صدره، منحهم الحب، أطعمهم، وعلمهم، وأطلقهم إلى فضاء الحياة. ومع كل هذا، لم يجد الشيخ ماموني الراحة! مسح دموع المنكوبين، مدّ يده لضعفهم، قوّى حياتهم، ورأى في عيونهم الفرح. ومع ذلك، لم يجد الراحة! أعطى الجائع طعامًا، والعاري كسوة، والمشرد مأوى، واليائس عملًا، والمكتئب سكينة. ومع رؤية السعادة في وجوههم، لم يجد الراحة! في القرى الباردة بشمال الهند، حيث يرتجف الفقراء تحت غطاء الموت، وفر لهم الدفء، ورآهم ينامون بسلام. ومع ذلك، لم يجد الراحة!”

“ما زال الشيخ ماموني يستمع لأنين الضعفاء في عمره الثمانين. يرى صفوف الأكواخ المهترئة التي تتحدى الرياح والمطر والشمس. لهذه الأرواح المضطهدة، أبقى عينيه وأذنيه مفتوحتين. ليس التفكير فيما أنجزه بل فيما لم ينجزه بعد، هو ما يقلقه. بدون مظاهر، بدون حاشية، سائرًا وحده في الطرقات، متجولًا بين الحافلات والقطارات، يحمل ثقل المسؤولية على كتفيه. ليس ثقل كبرياء، بل تواضع. فالتواضع والزهد اجتمعا ليشكّلا شخصية فريدة. لم يسمح لأحد بالثناء عليه أو تمجيده. مجلة “بربودهنم” تسعى منذ عشر سنوات لإعداد سيرته الذاتية، لكنه رفض التعاون. هذا المقال ربما عصيانه الوحيد!”

“قلق الشيخ ماموني لم يكن على نفسه أو أسرته. لم يهتم يومًا براحته أو راحتهم. كان يراقب أسرته من بعيد، ومع ذلك استقرت بفضل عناية الله، لأن من ينشغل بالله، يكفله الله. لقد كان الشيخ ماموني ملكًا عامًا كالماء والهواء والضوء. ينتمي إلى أولئك النادرين الذين يعيشون لله بعيدًا عن الدنيا.”

“الشيخ ماموني، ابن محمد، وُلد في عام 1944. تلقى تعليمه الأولي في كلية شانتابورم الإسلامية، وكان أول دفعة طلابية في الكلية. تولّى مسؤولية عائلته منذ صغره، وتزوج في سن الخامسة عشرة!!. واصل تعليمه حتى أصبح إمامًا ومحركًا رئيسيًا لأنشطة الدعوة الإسلامية في منطقته. من إمام محلي إلى قيادي إقليمي في الجماعة الإسلامية، لعب دورًا محوريًا في بناء المؤسسات الدعوية والاجتماعية.”

بنى الشيخ ماموني مساجد ومدارس وكليات، ولكنه بقي بعيدًا عن الظهور الشخصي. أطلق مشاريع ضخمة مثل مجموعة وداناپلي التعليمية التي تخدم الأيتام والمحتاجين. وكان دائمًا ينصح الآخرين بالاهتمام بهذه المؤسسات، مشيرًا إلى أنها أمانة في أعناقهم.”

“لقد كرّس الشيخ ماموني حياته لخدمة الآخرين، ووضع بصمته في قلوب الكثيرين، وألهم أجيالًا للسير على خطاه. ندعو الله أن يبارك في عمره ويمنحه الصحة ليشهد تحقيق أحلامه. آمين!”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق