مقالات
جرح الطفوله – جمال شدافنة
كلما اقبل الخريف المضطرب هبت على النفس نسمات ذكرى جرح في ذالك الماضي السحيق
كان ذالك بين ساعات العصر الى الغروب في حارتنا القديمه حينما خرجت احسست ان الجيران ومن يمر من الحاره ينظرون اليي نظرات غريبه مشفقه وكأنهم يخفون شيئا او امرا جللا قد حدث او خبرا لا يجرأ احد ان يبادر بنشره
ورويدا رويدا بدأت الأمور تتضح والمستور ينكشف
عن خبر وصل الى هاتف احد حوانيت القريه ان انفجارا حدث في جنوب البلاد راح ضحيته اخي محمد وهو في ريعان شبابه واصيب الشاب خضر دراوشه اصابه بالغه توفي على اثرها بعد ايام وقد كان يتحضر ليوم زفافه والكراسي تملأ ساحه الدار
وقد كان وقع الخبر صاعقا على القريه عامه وعلى البيتين المصابين خاصه
فلا تسمع في حارتنا الا همسا وصوت نسمات الغروب تحرك الاشجار وزقزقات طيور السنونو تدخل البيوت وتخرج منها
واوراق الخريف تتساقط وتختلط بالتراب والأشجار تتعرى حتى الربيع القادم فسبحان الله كيف يخرج الله الحي من الميت والميت من الحي
و لا زلت أذكر حينما عدنا الى المدرسه كان المعلم يقرأ علينا بنظاراته الطبيه واسلوبه المحبب قصيده (اوراق الخريف)
تناثري تناثري يا بهجه النظر
يا مرقص الشمس وارجوحه القمر
ويا ارغن الليل وقيثاره السحر
يا رمز فكر حائر
ورسم روح ثائر
وذكرى مجد غابر
قد عافك الشجر
تعانقي تعانقي
اتراب عهد سابق
سيري بقلب خافق
من طلعه الفضا
هيهات هيهات ان يعود من انقضى
تعانقي تعانقي
وانا اجلس جنب النافذه انظر الى الاشجار تتمايل والأوراق تتساقط
والمعلم مسترسل بقرائه القصيده
وحينما وصل الى البيت الاخير ينشد
عودي الى حضن الثرى وجددي العهود
وانسي جمالا قد ذوى
ما كان لن يعود
كم ازهرت من قبلك وكم ذوت ورود
فلا تخافي ما جرى
ولا تلومي القدرا
من قد اضاع جوهرا يلقاه في اللحود
بدأت تنساب من عينيي وتنحدر عبرات ساخنه
واحسست بيد المعلم تربت على كتفي وتمسح على رأسي
فاذا عي يد المعلم اقبل نحوي بعد ان فرغ من القصيده يواسيني بصمت دون ان ينطق ببنت شفه
فكم تكون المشاعر الصامته ابلغ من الكلام
وبعد يوم الدراسه قرع الجرس اليدوي معلنا انتهاء الدوام
وعدت قافلا الى البيت وما زالت الأشجار تتمايل والاوراق تتساقط
وصوت المعلم يرن في اذنيي
تناثري تناثري
عذرا احبتي في الله اني أكتب عن الجرح بصيغه اخرى كل خريف