هذه السلسلة يكتبها د. محمد طلال بدران – مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية(48)
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
* أشْرَقَ الْكَوْنُ بِمَوْلِدِهِ الشريف ﷺ
– من الظواهر الكونية التي رافقت ميلاد خير البشر ﷺ
عندما يولد مولود استثنائي كميلاد نبيّ الله محمد ﷺ لا شك في أنّ هذه الولادة ليست ولادة عادية، وليست لمولود كأيّ مولود! فالذي وُلِد هو سيد الخلق أجمعين، هو أفضل من ولِد من العالَمين، وأشرفُ من تشرّفت بولادته الأرض، وأعظمُ من وُلِد في أرض العرب منذ نشأتهم، فبمولده تغيّر نظام الكون بأسره، وتغيّرت حياة العرب برُمّتها، وتغيّرت ملامح الأشياء تحت قبّة السماء.
– محمّد ﷺ وُلد باسم الله، وعاش باسم الله، وبُعِث باسم الله، وملك العربُ الدنيا باسم الله، ودانت لهم الشعوب باسم الله، فمولود بهذا القدر، وبهذه الملامح، وبهذه الصفات ليس بالمولود العاديّ، وعندما أكرم الله الأرض بمولده حدثت في الكون أحداثًا رافقت مولده ﷺ تكادُ أن تصل إلى مستوى المعجزات، ومنها كما ثبت لدى أهل الحديث صحتها:
1- ما رأته والدة النبي الكريم آمنة بنت وهَب والتي هي الأسعد من نساء البشر “مِن النور الذي خرج معه عند ولادته” وقد شهد على ذلك كلّ من أم عثمان بن العاص وام عبد الرحمن بن عوف واللتان باتتا عند آمنة ليلة ولادته ﷺ وقد قالتا: “رأينا نوراً حين الولادة أضاء لنا ما بين المشرق والمغرب”
2- سقوط معظم الأصنام التي كانت منصوبة في صحن الكعبة المُشَرّفة من غير فاعلٍ من البشر
3- إهتزاز قصر كِسرى ملكِ الفرس وسقوط شرفاته الأربعة عشرة جميعها.
4- خمود نار فارس التي لم تُخمد منذ ألف عام، والتي كان يقدسها الفُرس المجوس.
5- “غيضُ بحيرة ساوة” تلك الليلة والتي كانت تُقدَّس؛
– بحيرة ساوة هيَ بحيرة مغلقة مالحة تقع في محافظة المُثنى العراقية قرب نهر الفرات، 23 كلم غرب مدينة السماوة-
– إن جميع هذه الإشارات التي رافقت مولد الهادي البشير ﷺ ما هي إلا ارهاصات للمستقبل لحظر عبادة الاصنام، وتدمير سلطان الفُرس، وإخماد نارهم التي يعبدونها الى الأبد.
6- هزيمة أبرهة الأشرم وفيَلَته وجيشهُ بالطير الأبابيل حيث كان هذا الحدث العجيب الذي تناولناه مع حضراتكم في المقالات السابقة قد حدث في نفس العام الذي وُلِد فيه الهادي البشير ﷺ وقد جاء ذكر هذا الحدث في القرآن الكريم ليُتلى إلى قيام الساعة قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيل* تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} (سورة الفيل)
7- إظلاله بالغمام في سفره فسبحان من أظله “وقد روَت حليمة السعدية ذلك “حيثُ رأت غمامة تُظِلّه وهو عندها في صباه” وكذلك فقد شهد على ذلك زوجها، فأخبر الناس بذلك حتى أصبحت هذه الحادثة معروفة ومشهورة لدى الناس، وكذلك فقد رأى بحيره الراهب ذلك الغمام الذي يُظِلّه وأراه للناس لما سافر ﷺ في صباه مع عمه، وكان يبلغ حينها الثانية عشرة من عُمُره
8- وقد ثبت بالنقل الصحيح “أنه ﷺ نزل في بعض أسفاره قبل البعثة تحت شجرة يابسة فاعشَوشَب ما حولها وأينعت هي أيضًا وأشرقت” اي نمَت وعلَت وتدلّت عليه أغصانها”.
9- كان اذا أكل مع عمه ابي طالب وآلِهِ في صِغرِه شبعوا وارَتووا وإذا غاب عن مائدتهم لم يشبعوا” وهذه من الحوادث المشهورة والصحيحة، وقد قالت أم ايمن
-مولاة رسول الله ﷺ وحاضنته: “ما رأيته ﷺ شكى جوعاً ولا عطشاً صغيراً ولا كبيراً”.
10- البرَكَة التي حصلت لغنَمِ وجِمالِ مرضعته حليمة السّعدية -رضي الله عنها- خلافاً للقوم، فقد سمِنت ودرّت اللبن وعمّت الخُضرة في محيطها، وهذه من الحوادث المشهورة جدًا
11- بعد مجئ النبي ﷺ إلى الدنيا، ولا سيما ليلة مولده، كثُر الرّجم بالشُّهبِ السماوية، والمراد من سقوط الشهب من السماء هو الاشارة الى قطع رصد الشياطين والجن عن السماء ومنعهم من استراق السمع، فما دام الرسول ﷺ قد برز بالوحي الى العالم أجمع لزم اذاً أن تُمنع أقوال الكَهّان ومن يتكلم عن الغيب من أقوال الجنّ الملّفقة بالكذب وخلاف الواقع حتى لا يلتبس الوحيُ بغيره ولا تكون هناك أيّة شبهة كانت في أمر وحي السماء الذي يتنزّل على محمّدٍ ﷺ… نلتقي بحول الله صبيحة الغد أن شاء الله
– صباحكم طيّب من طيب عبق مولد الهادي البشير، خير خلق الله محمد ابن عبد الله ﷺ.
– مقالة رقم: (1726)
14. ربيع الأوّل. 1446هـ
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صهيب)