مقالات
التفاؤل والتشاؤم / أبو طارق الحوَّاس.
في خضم الأوضاع الراهنة..
وما يجري حولنا من فُرقَةٍ وتشرذم..
وما يطفو على سطح صفيحنا الساخن هذه الأيام..
تكثر المناقشات والسِّجالات بين أفراد المجتمع المنقسم على نفسه..
وكذلك بين المؤسسات والهيئات الرسمية والعامة وما يدور بداخلها..
ناهيك عما يحدث داخل الأسرة الواحدة..!!
فهناك من يرى الأحداث من حولنا..
على أنها مصيبة ونكبة قد حلت بالأمة وشتت كيانها..!!
والبعض الآخر.. على النقيض من ذلك..
يفسرها من منظور الخير والتفاؤل.. ويقرأ أحداثها من خلال قول الله تعالى:-
*{كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}*
فالأيام والشهور المتتالية والأحداث المتسارعة..
حملت في أحشائها الكثير من الويلات.. وكانت حبلى بالنكبات..!!
بل وفرضت على المنطقة التي نعيش خاصةً.. وعلى العالم عامة..
ثِقَلاً عظيماً.. وإصراً أرهق كاهل الأمة..!!
فمن البعض من يرى هلاك الأمة والمصيبة في ذلك..!!
ومنهم من يرى بعين القلب المبصرة..
ما خفي عن المثبطين والمتخاذلين من تمام الحقيقة..
فهٰذا الثبات المنقطع النضير.. والتضحيات العظام..
يراها المتفاؤل بوابة الفتح والنصر..
والخطوة الأُولى على طريق الحرية والتحرير بإذن الله..
ويراها المتآمرون المتخاذلون من خلال عمى أبصارهم..
الهلكة والمصيبة والنهاية..
ومن رأى ذلك.. فحتماً هو الهالك..
وقد جانبه الصواب.. وَقَصُرَ به البصر عن الإبصار..!!
فلو تأمل قليلاً.. ورجع بالفكر إلى الوراء.. ورأى عاقبة الطغاة البغاة..!!
لَسَهُلَ عليه تصديق القليل الغالب.. من الكثير المنقطع..!!
وَلَصَعِدَ السفينة من غير تردد مع الناجين..
وكان ذلك خيراً له..
لكنهُ أخلد إلى الأرض واتبعَ هواه..!!
فمثله كمثل الكلب.. إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث..
في كلتا الحالتين يلهث..!!
وهذا مثل الكافر الجاحد.. المتواطئ المشكك..
فمهما تأتيه بحجج داحضة وآيات بينة.. لا يأبه لذلك..
ولا يهتم للحقيقة البينة والبرهان الساطع..
يكتفي بما تمليه عليه أفكار السوء.. وسخيمة قلبه المريض..!!
ولو تمعنت معي أخي الكريم..
هاتان الأيتان البينتان الواضحتان..
في المثل العظيم الذي ضربه الله للناس كافة..
لاستنتجت بالفطرة السليمة والبصيرة الثاقبة..
أن المشككين والمثبطين.. هم أدواة الشيطان وأعوانه..
وهذا تصديق قول الله سبحانه:-
*{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ● وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}*
ما أعظم الوصف الإلٰهي.. والتصوير الرباني لحال الكافر الجاحد المتغطرس..!!
هؤلاء هم من يفت في عضد الأمة ويركسونها..
ويتتبعون عورات المسلمين.. ليجدوا لأنفسهم مُصَوِغ لِثَلمِ المجاهدين في عظيم تضحياتهم.. والنيل من إصرارهم وثباتهم على الحق..!!
لذلك أخي في الله..
نَزِّه نفسك عن الخوض في أعراض مجتمعك المسلم الصالح..
وكف لسانك عن هجاء اللذين يرفعون راية الجهاد..
وحصن قلبك من الهوى وإتباع الشيطان..
ولا تدع لسانك يشارك عينيك في انتقاد عيوب الآخرين..
فهم مثلك.. لهم عيون والسن..
وصدق الشافعي حين قال:-
لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسن
وعيناك إن أبدت إليك معايباً
فدعها وقل يا عين للناس أعين
اللهم إغفر ذنوبنا.. وفرج همومنا.. واستر عيوبنا.. واحفظ قلوبنا.. وآمن روعاتنا.. وكفر عنا سيئاتنا.. وتوفنا مع الأبرار..
اللهم أجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة..
اللهم آمين آمين آمين يارب العالمين..
محبكم في الله.. أبو طارق الحوَّاس..