مقالات

يا مالكا قلبي

بقلم : جمال شدافنة

الشخصيات اصدقاء الطفوله
الزمان؛ احد ايام اب اللهاب من الماضي السحيق
المكان؛ مسرح الحياه
الممثلون؛ حسب الظهور في الذاكره بعضهم رحل الى الله وبعضهم ما زال على المسرح
كان ذالك في العطله الصيفيه بين الاعداديه والثانويه حيث دخل احد المقاولين الى الحاره بعد ساعات العصر بسيارته ذات الشادر الرمادي والمقاعد الخلفيه فتحلقنا حول السياره فقال : من يريد منكم ان يعمل في قطيف البندوره في هضبه الجولان فقلنا :وكم اجره اليوم فقال : العمل ليس باليوميه بل بالمقاوله حسب ما يقطف ويعبأ احدكم من الكميه
وقالها بالعاميه ( كل واحد هو وشطارتو ) وقبل ان نعطيه جوابا قال على سبيل الترغيب : بعد نهايه كل يوم عمل ساخذكم الى بحيره طبريا لتستمتعوا بالسباحه
فوافقنا على الفور لنخفف عن اهلنا شيئا من عبئ الحياه ونشتري حقائبنا وكتبنا ودفاترنا
ولا يزال صوت امي وهي توقظني واخي الى العمل يرن في اذنيي تقول : يلا يما اصحوا الشاي والمناقيش جاهزه
تقولها وهي مشفقه علينا ولكنها مشفقه على ابي ايضا وتريدنا ان نخفف عنه.
وانطلقت السياره تنهب الارض نهبا نحو الشمال ونحن نجلس على المقاعد تحت الشادر لا نكاد نرى شيئا
وننزل الى حقول البندوره المنبسطه على مد البصر ننظر الى البحيره من بعيد
ها هو الخواجه سالب الأرض اللذي اصبح بقدره قادر صاحب الارض يوزع الصناديق الخشبيه الكبيره يلبس قبعه كبيره ولون وجهه يميل الى الحمره.
ويبدأ يوم العمل الشاق في هذا الحر اللاهب
ويبلغ ذروته في ساعات الظهيره وللتخفيف عن انفسنا كنا نتبادل النكات احيانا ونغني احيانا اخرى
ويسير يوم العمل متثاقلا حتى ساعات العصر حيث تهب نسمات خفيفه تهمس في أذن الحقول وتحرك اشتال البندوره فتصدر صوتا خفيفا
ويحمل الخواجه العبوات الخشبيه الكبيره على شاحنه متوقفه نام صاحبها في ظلها
ونعرج على البحيره في طريق العوده بملابسنا الرثه المتسخه حتى اننا من لهفتنا الى السباحه نبدأ بخلع الملابس داخل السياره ونقفز منها ونلقى انفسنا الى البحيره لنبرد اجسامنا اللتي اخذ الحر منها كل مأخذ
ولا زلت اذكر صوت المقاول يصيح بنا ( لا تتهوروا يا اولاد ما حدا يفوت على الغميق ويحمل حجرا اسودا املس ويتوعد من يتهور ويقول : زي ما اخذتكو من الحاره سالمين لازم ارجعكو سالمين وين بدى اروح من اهليكوا اذا واحد منكو غرق لا سمح الله)
ولا يطمأن قلبه حتى يجلس اخرنا في السياره
وننطلق في طريق العوده وانا انظر الى البحيره تبتعد رويدا رويدا
والشمش تضعف حرارتها وتميل الى الغروب وكأنها تغطس في البحيره
ها انا انظر الى اقراني بملابسهم الرثه المتسخه المبلله وقد وضع احدهم كتفه على الاخر ينامون وبعضهم يصدر شخيرا خفيفا
ويفتح المقاول المذياع ليسمعنا الاغاني كنوع من الترفيه الأضافي الى السباحه
فأذا بموسيقى هادئه لأغنيه اثارت مشاعري المرهفه نفحات حب عذري كنت اعيشه وكأنها تتكلم بلساني تقول :
( يا مالكا قلبي ، يا اسرا حبي ، النهر ظمئان لثعرك العذب
قل لي الى اين المسير ، في ظلمه الليل العسير ، سارت امانينا بنا ، والعمر لو تدري قصير
رحماك من هذا العذاب، قلبي من الاشواق ذاب ، ليلي اسى صبحي صدى عيشى على الدنيا سراب .
وتدخل السياره الحاره في ساعات الغروب وندخل بيوتنا لنستحم من اثر العمل والسباحه ونسهر قليلا ثم نغط في نوم عميق في انتظار يوم عمل جديد في الهضبه وساعه ترويح عن النفس في البحيره
من خواطري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق