مكتبة الأدب العربي و العالمي

سر_الكوخ_الجزء_السادس والجزء السابع

تذكر موسى امراً آخر فقال لكناريا: لقد وعدتِ أن تجيبي على كل اسئلتي فاخبريني اذن لماذا فتحتي الباب لي في اول مرةٍ التقينا فيها ولم تجزعي مني ثم بدا عليكِ القلق بعد دخولي الكوخ ؟
حبيت كناريا دموعها ثم قالت :لأنك يا موسى كنت تشبه جلال حتى اني اعتقدتك هو ففرحت لذلك ولم استطع تمييز الفرق الا بعد دخولك الكوخ

تمتم موسى قائلا : أشبه جلال تقولين ثم اقترب من الجثة وأخذ يتمعن في وجه جلال فلاحظ بالفعل الشبه الغريب بينهما وفي تلك الاثناء كانت كناريا تقول لياسين : لماذا أخبرتني بأنه ليس لديك ولد لماذا ؟
رد ياسين : لأنني بالفعل ليس لي ولد ثم اشار الى الجثة وقال :جلال هذا ليس سوى اخيك الاصغر يا موسى وهذا ما يفسر الشبه الغريب بينكما بُهت موسى فصاح ماذا يعني هذا ؟ هيا اخبرني فلم اعد افهم
قال ياسين : لقد تعرضت عائلتنا في الماضي لحيف وظلمٍ شديدين من قبل المدعو سلطان فقد تسبب لي بحادثة جعلتني أصاب بالعقم بطريقةٍ ما وهذا يعني نهاية نسل عائلتنا

ولأجل ذلك فقد انتظرت اللحظة المناسبة لأرد له الضربة وعندما تزوج سلطان جاريته ورزق منها بولده البكر نفذتُ انا تلك الضربة فقمت باختطاف الطفل من مهده وأردت قتله لكن لم تؤاتيني الجرأة على فعل ذلك وعوضاً عنه فقد قمت باخفائه هنا في هذا الكوخ لثلاث سنوات مع مربية مستأجرة

ولم أعد به الى لارسا الا بعد ان رزق سلطان بابنه الثاني جلال ونسي موضوع ولده المخطوف ثم وضع ياسين يده على كتف موسى وأضاف : ثم ربيته على أنه ولدي وبذلك استعدتُ حقنا منهم لهذا السبب كنت امنعك من الخروج يا موسى خارج نطاق مدينتنا لئلا ينتبه احدهم للشبه بينك وبين جلال فيفتضح أمرك وأمري

هنا شعر موسى بدفق الذكريات تمر امام عينيه ففهم لماذا أحس بأن هذا الكوخ ليس بغريب عنه عندما دخله قبل اسابيع لحظة لقائه بالاميرة كناريا فرفع كف ياسين من على كتفه وقال : هل في جعبتك مفاجآت اخرى تصعقني بها أم انك قد اكتفيت؟

رد ياسين : بقي أمر اخير لماذا برأيك يا موسى اصطحبتك معي في رحلة البحث هذه رغم خطورتها في الوقت الذي كنت اخشى عليك طوال حياتك من الذهاب خارج مدينتنا ؟
فاجأ موسى ياسين بالقول : أنت قلتها  يا ابي فبعد ان تعرف علي الملك خشيت انت ان لا تنجح خطتك في اصابة الملك بالعجز والشلل لذا فقد قمتَ بتنفيذ خطة احتياطية

وهي ان تصحبني معك الى الغابة عسى ان تدبر لي مكروها يصيبني ويقتلني في الطريق الى هذه الدرجة كنت راغبا يا ابي في الحكم الى درجة ان تقتل ولدك الوحيد ؟

قال ياسين :تذكر انك لست من صلبي وجوابا على سؤالك نعم ان رؤيتك تموت لهو أهون علي من رؤية ابن سلطان يجلس على العرش الذي لطالما سعيتُ انا للوصول اليه ينبغي ان تعلم يا موسى ان وصولي أو وصولك انت للحكم سيمكن سلطان من التعرف عليك وبالتالي مطالبته بك، لذا ففي الحالتين موتك هو الحل الوحيد لمنع نشوب الحرب بين عائلتينا

قال موسى :وبذلك تكون قد قضيت على اولاد سلطان جميعهم وحققت انتقامك اذا كان كذلك فلماذا اذن عالجتني من لدغة الثعبان لماذا لم تتركني للموت؟

رد ياسين : كنت محاطا باتباعي ولا يجدر بالحكيم اهمال ولده وهو بتلك الحالة فكان علي انتظار فرصة اخرى ولا اخفي عليك يا موسى ان ضياعك في الغابة في ذلك اليوم قد انقذك من موت محقق كنت قد اعددته لك آسف يا موسى لقول ذلك ولكني لم أنس يوما بانك ابن غريمي سلطان

قال موسى لكن بعد قتلي وزواجك بالاميرة كيف سيكون لك وريث وانت عقيم؟
اجاب ياسين : لا يهم من سيأتي بعدي ومن سيخلفني المهم أن اتمتع انا بالحكم وسحقا لما عدا ذلك

صاح موسى بغضب : لماذا ربيتني اذن لماذا لم تقضي علي قبل ذلك؟
رد ياسين : اردت ان تكون نهايتك امام عيني سلطان اردته ان يرى مرارة فقدان الولد فيك مرة بعد اخرى مرة عند اختطافك ومرة بعد ان يعثر عليك وقد قضيت نحبك والان هل في ذهنك شيئ تريد سؤالي اياه ام انك اكتفيت؟

قال موسى : بقي امر هذا الكوخ العجيب ما هو سره

#سر_الكوخ_الجزء_السابع
…… قال موسى :بقي امر هذا الكوخ العجيب ما هو سره
اشار ياسين الى جدران الكوخ وقال : تأمل الكوخ فتصميمه يدل على انه ليس من عمل سكان لارسا ولا سكان الغابة كذلك الخشب المصنوع منه الكوخ لن تجد مثيلا له في الاشجار المحيطة به لابد انك قد لاحظت ذلك هذا يعني ان الكوخ قد تم بنائه في مكان اخر ومن ثم تم احضاره الى هنا بطريقة ما

زاد استغراب موسى فقال بطريقة ما تقول وكيف ذلك؟
اجاب ياسين : انا عن نفسي لا اعرف كيف كل ما اعرفه انني بعد الحادثة التي ادت الى اصابتي بالعقم خرجت الى الغابة هائماً على وجهي وكأنني ابغي الموت بعيدا عن عائلتي وموطني حتى سرت اياما وليالي الى ان سمعت في واحدة من تلك الليالي صرخةً عظيمة استوقفتني فلما تبينت مصدرها واذا بي اكتشف هذا الكوخ

التفت موسى الى كناريا وقال :اعتقدت انكِ انتي مصدر تلك الصرخات
ردت الاميرة : أبدا انا ايضا كنت اسمعها فيصيبني الذعر ثم افتح النافذة واحاول تبيان مصدرها فلا أوفق
واصل ياسين حديثه فقال انا ايضاً لا اعلم مصدر الصرخات ولا يهمني لكن بفضلها عثرت على هذا الكوخ الذي يختفي نهاراً عن أعين الجميع ولا يظهر نفسه الا في احلك الليالي

تمتم موسى قائلا :يظهر نفسه انك تتكلم عن الكوخ وكأنه كائن مستقل بذاته
رد ياسين : وهو كذلك ان هذا الكوخ يحتجز بين خشباته روحاً شيطانية لساحرٍ عجوز يدعى روكان كنتُ قد عثرت عليه وهو يجود بنفسه في الليلة التي وجدت فيها الكوخ.. كان يستلقي بلا حراكٍ هنا

وأشار ياسين باصبعه الى احدى الزوايا ثم اضاف :اخبرني الساحر انه كان محاصراً من قبل بعض الفرسان من مملكة بعيدة حيث حاولوا اشعال النار في كوخه واحراقه حيا لولا ان قام بتعويذة عجيبة ، حيث تمكن من نقل الكوخ وما فيه الى اقاصي الارض اي الى هنا في وسط المجهول سحر التعويذة شمل ايضاً اخفاء الكوخ عن العيون نهاراً واظهاره ليلا

الساحر اخبرني كذلك انه عاش هنا لعشرين عاما دون ان يكتشفه احد حتى كبر في العمر واقترب اجله لكنه خشي ان يموت دون ان يوصي بإرثه الى احد لذا فقد عمد الى محاولة اضعاف التعويذة التي اطلقها بنفسه وربما كانت الصرخات المفاجئة ليلا والتي تعلن عن بداية ظهور الكوخ للعلن هي احدى نقاط ضعف التعويذة لأنها حتما ستفضح موقع الكوخ وهذا بالضبط ما اراده الساحر.. أن يتم العثور عليه

انا كنت اول من وجده حاولت مساعدته لكنه ما ان امسك بي حتى…
سكت ياسين لبرهة ثم استدرك قائلا :لقد أراني مستقبلي كله امامي شاهدتُ نفسي وانا انتقم من سلطان واجلس على عرش لارسا اخبرني الساحر انني اذا أردت حصول ذلك فيجب ان اوافق على قبول تركته لي وهذا ما فعلت اخبرته بأني موافق

قال موسى وهو لا يكاد يصدق ما يسمع :وما هذه التركة وما الذي فعلته بها هيا اخبرن
رد ياسين :ان هذا الكوخ مهم جدا لتنفيذ خطتي وبما ان بقاءه ببقاء الساحر لذا كان علي ان اُبقي الساحر على قيد الحياة ريثما يتحقق المستقبل الذي وعدني إياه

وهكذا طوال العشرين سنة الماضية كنتُ آتي الى هنا كل بضعة شهور لكي اقوم بتزويد الساحر قارورة من دمائي كي يستقوي بها ولتدب فيه الحياة عدة شهورٍ اخرى وهو كان معلمي فيما يجب ان افعله للوصول الى اهدافي، انه هو السبب في كوني حكيم الملك الخاص وحتى ادويتي وعقاقيري كانت من صنعه هو..

هنا قال موسى بغضب : انه ليس بمعلم انه شيطانك ليس إلا..
رد ياسين بحدة :لكن هذا ما اخبرتك به منذ البداية ان روحه شيطانية وقد اوضح لي بأني اذا ما اردت ان احصل على مبتغاي فيجب ان اكون اطيب الجميع وهذا ما فعلت

لقد اصبحت ياسين الطيب الذي يثق فيه الجميع ، حتى انت يا موسى قد انخدعت بي وظننتني والدا يهتم لأمرك لكني
قاطعه موسى والأسى بادٍ على محياه : لكنك في الحقيقة لم تكن سوى تلميذا للشيطان

تدخلت الاميرة كناريا بأن قالت للأسف هذا ما تفعله الشياطين بالضبط توسوس لنا وتغرينا ومن ثم تنقلب ضدنا وتضحك علينا
قال ياسين :ها قد عرفتم كل شيئ أما الان فقد آن الاوان لتنفيذ المرحلة الاخيرة من خطتي..

قال موسى : هل ستقتلني الان؟
كشف الفتى عن صدره وقال :هيا تقدم ونفذ ما تمليه عليك شياطينك
هنا اخرج ياسين قارورة صغيرة من جيبه وقال : انا لست مجبرا على قتلك بوحشية يا ولد يكفي ان تشرب من هذا الدواء وسينتهي كل شيئ

أخذ موسى القارورة وفتح غطائها فصاحت به كناريا أن لا يفعل ، فالتفت اليها موسى وقال : أنا آسف ايتها الاميرة لأني لم استطع انقاذك ثم تجرع ما في القارورة فصرخت كناريا وهي تشاهده يتمايل ثم يسقط ارضا بلا حراك

عن قصص وحكايات العالم الاخر ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق