مكتبة الأدب العربي و العالمي

القرينه_اللعينه الجزء الثاني والجزء الثالث والأخير

وبالفعل !! حرصت ريم على القيام بكافة واجباتها المدرسية والمنزلية بالإضافة للإعتناء بأخيها دون الحاجة اليهم , ممّا أغضب القرينة التي هدّدتها بإيجاد طريقة تجعلها تحتاجها من جديد

بعد شهور وفي صباح أحد الأيام .. رفض أحمد تناول فطوره على غير عادته , وذهب مسرعاً الى مدرسته .. وحين عاد ظهراً , لاحظت ريم بأنه لم يأكل غدائه ..كما انه لم يعد يريد تناول الحلويات ! فخافت ان يكون استبدل روحه مع قرينه الجني .. فدخلت الى غرفته غاضبة , وأمسكت ذراعيه بقوة ..
وبدأت تصرخ عليه :
– أخرج ايها اللعين من جسد أخي !!

ثم صفعته بقوة , أخرجت الدم من أنفه ! ..وحين رأت الدماء , علمت بأنها تسرّعت بضربه .. بينما كان هو مصدوماً من وحشية أخته التي تعوّد على حنّيتها , فبكى غاضباً :
– انا أكرهك يا ريم !! هيا أخرجي من غرفتي
– انا آسفة .. ظننت بأنك ..
مقاطعاً وهو يبكي : أخرجي من غرفتي الآن !!
وخرجت ريم وهي مشوّشة التفكير !

ثم اتصلت على صديقه المقرّب لتسأله : إن كان اخوها يأكل في المدرسة ام لا ؟
فأخبرها بأن بعض المتنمّرين يضايقونه بسبب وزنه الزائد , لذلك قرّر عمل حمّية غذائية كي ينحف بسرعة .. ففهمت ريم بأنها جرحت مشاعره من دون سبب !

ومنذ هذه المشاجرة .. بدأ أحمد يبتعد عن أخته شيئاً فشيئا , ويلازم غرفته طوال الوقت , وبالكاد يتحدّث معها عن مشاكله اليومية !

الى ان أتى يوم .. دخلت غرفته فوجدته برفقة ولدٍ يشبهه , لكن بملامحٍ بلاستيكية ..فعرفت انه التقى بقرينه !
فصرخت برعب : أحمد انتبه !! هذا جني يريد الإستيلاء على روحك
أخوها : اهدأي اختي , هذا صديقي ..وأخبرني بأنه سيأخذني الى منزل امي الجديد
ريم : أمنا ماتت يا أحمد !! هل نسيت ؟
قرين الأخ : لا !! امكما موجودة في عالمٍ خفيّ , داخل هذه الخزانة .. فهيا يا أحمد نذهب اليها الآن
ريم صارخة : لا !! لا تذهب معه

لكن قدماها التصقتا فجاة بالأرض فلم تستطع اللحاق بهما , وشاهدتهما وهما يدخلان الخزانة التي إنغلقت خلفهما , ليخرج منها نورٌ يخطف الأبصار !
ومن بعدها تحرّرت قدماها , لتسرع في البحث بالخزانة التي لم تجد شيئاً بداخلها !
فصارت تنادي على أخيها بعلوّ صوتها , وهي تبكي وتنوح ..

وفجأة ! ظهر خلفها وهو يقول :
– ريم !! لا تصرخين هكذا , سيسمعك الجيران
ريم بدهشة : أخي !
وأسرعت لتحضنه , لكنها لاحظت بأن قدميه تبعدان سنتيمترات عن الأرض ! حيث بدا وكأنه يطفو في الهواء
ريم صارخةً : انت الجني اللعين !!

فجلس قرين أحمد على طاولته ليحلّ واجباته وهو يقول :
– اهدأي يا فتاة .. فأخوك يحلّق الآن في عالم الجن بسعادةٍ غامرة , وسيحصل على كل ما يريده من حلويات وألعاب , كما انه برفقة والديك .. اما انا فسأحتلّ مكانه في الدنيا , حيث سأصبح أذكى تلميذ في المدرسة ..كيف لا , وبإستطاعتي معرفة الأسئلة قبل موعد الإمتحانات ..حتى انه يمكنني مساعدك بهذا الموضوع ..كما انني لن أتعبك بعد اليوم بأكلي ونومي واستحمامي او بإمراضي المفاجئة .. فنحن كأرواح سهلٌ العيش معنا , صدّقيني .. ثم إحمدي ربك انني لا ارغب بالخلود , والا لكنت وجدت أخاك ميتاً كما حصل مع والديك .. فكل ما اريده هو تجربة العيش كبشريّ مميز.. والآن دعيني أنهي واجباتي , فأمامي مستقبلٌ باهر عليّ الإستعداد له منذ اليوم

فذهبت ريم الى غرفتها وأقفلت الباب عليها بإحكام وهي ترتعش خوفاً , لتتفاجأ برأس أخيها الجني يخترق الباب وهو يقول ساخراً :
– على فكرة , الأبواب المُقفلة لا تصدّني يا عزيزتي ..هل نسيتي انني جني؟

ثم ضحك بصوتٍ عالي , تاركاً ريم ترتجف بخوف بعد ان علقت في منزلها مع كائنٍ مخيف من عالمٍ آخر .. عدا عن قلقها لمصير أخيها المجهول !

في اليوم التالي ومنذ الصباح .. ارادت ريم الذهاب الى الشيخة لطرد الجنّ من بيتها المسكون ! الا انها تفاجأت بالباب الخارجي موصد بإحكام , وكل محاولاتها لفتحه باتت بالفشل !
وهنا سمعت قهقهاتٍ ساخرة تصدح في أرجاء المنزل ! وحين التفتت , وجدت روح والدها وامها واخوها تقف خلفها !
ريم بدهشة وشوق : ابي ! لم أرك منذ سنوات
فقال لها قرين والدها : ابوك الآن مع امك واخيك يمرحون في عالم الجن حيث لا يوجد هناك مرضٌ او تعب او أحزان .. ويمكنك الذهاب اليهم ان أردتِ

وهنا انضمّت اليهم قرينتها التي خرجت من غرفتها , وهي تقول :
– كنت التقيت معك سابقاً داخل المرآة , وأظنك تذكرينني
ريم بغضب : وماذا تريدين مني انت ايضاً ؟!!
قرينتها : أخبرتك من قبل ..إستبدال أماكننا
وهنا قالت قرينة امها : ريم عزيزتي .. كما تلاحظين .. بيتكم أصبح لنا , فلما تصرّين على البقاء وحدك هنا ؟ برأيّ عليك الإنتقال فوراً الى عائلتك الذين ينتظرونك بشوق في عالمنا .. ولا تقلقي .. فأصدقائك والجيران لن يلاحظوا غيابك , بل ستبهرينهم بتفوّقك الدراسي ..وسيفتخر أقاربك بكِ وبأخيك
قرين أخوها : لقد أخبرتها بذلك البارحة يا أمي

فتبكي ريم صارخة : لا اريد العيش في عالمكم !! اريدكم ان تعيدوا لي عائلتي الآن !!!
قرين والدها : عودة امك وابوك مستحيلة بعد دفنكم لأجسادهما
ريم : اذاً أعيدوا اخي أحمد !!
قرين أخوها : أخوك سعيد بحياته الجديدة , لكنه مشتاقٌ اليك .. حتى اسمعيه بنفسك
وفتح لها باب الخزانة , ليظهر صوت اخوها من بعيد وهو يقول :
– ريم !! تعالي الينا .. فأمي وابي مشتاقين اليك كثيراً
ريم بدهشة وشوق : أخي !

قرينة امها : هيا ابنتي لا تعاندينا .. أدخلي الى الخزانة وانضمّي لعائلتك.. ودعي إبنتي تأخذ مكانك , فنحن أحببنا حياتكم البسيطة ونريد تجربة العيش مثلكم
قرينة ريم : المشكلة الوحيدة .. ان امي وابي لن يظهرا للعلن مثلي ومثل أخي شونا , لأنهما بنظر الناس متوفيان !
قرين أحمد وهو يعاتب أخته : مونا !! اسمي أحمد منذ اليوم , فلا تناديني بشونا ثانيةً
مونا (قرينة ريم) : آه نسيت .. علينا التعوّد على اسماءنا الجديدة كبشر.. هآ ريم , ماذا قرّرتي ؟

فلم تجد ريم نفسها الاّ وهي تمشي بخطواتٍ مُتثاقلة نحو الخزانة ..والتي ما ان دخلتها , حتى أسرعت العائلة الجنّية بالإقفال خلفها
ثم سمعت ضحكاتهم الساخرة , لفوزهم عليها بمعركتهم النفسيّة المدمّرة !

اما ريم فقد وجدت نفسها تمشي بممرٍّ مظلمٍ وطويل , قبل ان تسقط داخل حفرةٍ عميقة لا نهاية لها !

القرينه اللعينه
الجزء الثالث والأخير

اما ريم فقد وجدت نفسها تمشي بممرٍّ مظلمٍ وطويل , قبل ان تسقط داخل حفرةٍ عميقة لا نهاية لها !
وحين استيقظت .. وجدت نفسها في قفصٍ حديدي برفقة امها وابوها وأخوها الذين كانوا يبكون عليها !
وبعد ان حضنتهم بشوق , سألتهم بقلق :
– لما نحن في السجن ؟!
ابوها بحزن : كنّا نأمل ان تكوني أذكى منّا ولا تنقادي لإغراءاتهم ..لكن يبدو اننا جميعاً خسرنا المعركة !
ريم : لم أفهم ! وهنا دخل جني بهيئته الحقيقية المخيفة (بقرونٍ وأرجل ماعز , وجسمٌ مُشعر , وأنيابٍ طويلة) قام بحرق قدمها بعلامة كُتب عليها : حفلات
وقبل ان يخرج من السجن قال لريم : سآتي لأخذك بعد قليل

وبعد ذهابه .. سألت امها وهي مازالت تتألّم من أثر الحرق :
– امي ..ماذا يقصد بعلامة الحفلات ؟!
امها وهي تمسح دموعها : هذا يعني ان الشياطين اختاروك لتكوني مُرفّهة لهم بحفلاتهم الماجنة !
ريم : يا الهي ! .. وماذا عنكِ ؟
الأم بحزن : انا أطبخ لهم طعامهم المقرف
ريم : وانت ابي ؟
الأب وهو يشعر بالعار : أساعدهم بسحر بعض البشر
ريم بدهشة : أتساعدهم بأذيّتنا ؟!
الأب : غصباً عنّي , والاّ أذونا جميعاً
ريم : وماذا عنك اخي ؟
أحمد بعصبية : عليّ ملاعبة اولاد الجن الملاعيين طوال الليل !!
ريم بقلق : وهل علقنا هنا للأبد يا ابي ؟!

وقبل ان يُجيبها والدها .. دخل الجني من جديد ورمى امامها ثياب للحفلات الفاسقة , وهو يقول :
– هيا إلبسيها بسرعة , فعليك الرقص امام إلآهنا ابليس

وبعد ان لبستها ريم مُجبرة , خرجت معه .. تاركةً أهلها يبكون بحسرة على مصيرها الكئيب المجهول !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق