مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية دجيرة #الجنّية والنّجار جزء اول

عاشت في قديم الزمان عائلة صغيرة تتكون من نجار، وزوجته وطفلاهما عيشة هناء وسعادة، لا يكدّر صفوها ،أو يعكرها شيئ، والطفلان يملآن جو البيت مرحاً وسروراً، لكن الهناء لا يدوم فقد مرضت الأم، وأخذت العلة يشتدّ عليها يوماً، بعد يوم حتى ماتت،وهي توصي زوجها على صغارها ،فخيّم الحزن على البيت، وملأت الحسرة قلب الرجل لوفاة زوجته، وبقي يفكّر في الطفلين بعدها. فقرّر أن لا يدخل بيته امرأة تحلّ مكان زوجته.، وعقد العزم أن يتفرغ لتربيتهم بمفرده ، خوفاً من قسوة زوجة الأب، وكانت الفتاة تكبر أخاها، وتساعده على شئون الدار، ،ومرت الأشهر ،والرجل يحاول بكل جهده أن يملأ الفراغ الذي تركته زوجته لئلا يشعر الطفلان باليتم ،حتى جاء اليوم الذي اقتحمت فيه عالمهم، أرملة من جاراتهم ،أخذت تتردّد عليهم من وقت لآخر لتنظيف البيت أو غسل الملابس، وهي لا تنس أن تقبّل الطفلين عند مجيئها ،ووقت رواحها.،وتقول للرجل إنها ترد بعضا من فضل زوجته عليها .
ومع الأيّام تطوّرت علاقتها بالأسرة، وصارت تعتني بالطفلين وتعدّ الأكل لهما، وتقضي أكثر الأوقات في دار جارتها،. وخفّف وجودها من هموم الرّجل وأحزانه . فكان يذهب إلى عمله مطمئناً إلى وجود من يرعى الأولاد في غيابه،. فزاد ذلك من إرتباط الأرملة بهم، وغدت تتصرف كما لو كانت ربة البيت. كان الرجل لا يرى منها إلا حسن المعاملة لأبنائه إلى درجة أنهما نسيا الإحساس باليتم ،ورجعت لهما البسمة ،بمرور الأيام بدأ النجار يستريح لتلك الأرملة ،وأخذت مشاعره نحوها تقو.. فرآها خير من يخلف زوجته التي فارقته، ففاتحها ذات يوم في الزواج. فلم تمانع فتزوجها، لتعيش معهم ،ولتكون هي سيدة البيت . كانت الفتاة مرتابة من الأرملة منذ دخلت عليهم البيت، وبدأت تلاحظ أنها تبالغ في الاهتمام بأبيها الذي يصغرها بعدّة سنوات ،ولم يعد يفكّر إلا فيها،. حتى كاد أن ينساهم، وبقيت تنتظر ليرجع كسابق عهده معهم لكن طال انتظارها ،وأبوها مشغول عنهما بزوجته الجديدة ا، وما أن صارت سيدة البيت. حتى أهملتهما ، وبدأت في التّذمر منهما والشّكوى من عنادهما.
وحين يدافعان عن نفسيهما لا يصدفهما النجار ،ويعاقبهما بشدة ، وكان كلما لبى لزوجته طلباً، ازداد دلالها حتى أبعدته عن الطفلين نهائيا ،ولم يعد يسأل عنهما، وتركهما يعيشان بمفردهما، وهما أصبحا لا يكلّمانه من شدّة الخوف ففي كلّ مرّة يجد سببا لضربهما ،فكانت الفتاة تعطف على أخيهـا الصّغير وتخفي له الثّمار لمّا يجوع ،فتلك المرأة بخيلة معهما ،وتتركهما جائعين ،أحد الأيام قالت الأرملة للنجار: لقد كبر الطفلان ،ويجب أن يبدآ في الاعتماد على نفسيهما، أرسلهما للغابة ليجمعا لنا الأغصان الجافّة !!! كان قولها مفاجئاً له، إذ لم يكن يتوقّع منها ذلك، فحاول تجاهل طلبها إلا أنّها عادت ،فكرّرت قولها من جديد.، ردّ الأب: لكن الغابة بعيدة، وفيها السّباع !!! قالت له: لا تخف فإنّهما ماكرين ،وأنا أعاني منهما ،وفي النّهاية وافق و،قال لها : لا بأس ،سأرافقها حتى يتعوّدان على الذّهاب، والرّجوع وحدهما .
لم يغب عن الأب أنّ تلك الأرمله تحاول إبعاد الأطفال عن الدار، ورغم قسوته معهم، فهم يبقون أبناءه ،ولقد أوصته زوجته عليهما قبل أن تموت. ووجد نفسه في حيرة أشد من التي وقع فيها من قبل ،فلقد تعوّد على تلك المرأة التي كانت حاذقة وتحبه ،لذلك قرّر أن يجاريها ،ولمّا يحملهما إلى الغابة كان يوصيهما بعدم الإبتعاد ،وإذا أحسّا بالخطر عليهما تسلق شجرة كبيرة حتى يأتي إليهما ،وبالتالي ترتاح زوجته من جلبة أبنائه ،وهو يعترف أنّهما يقلقانه بصراخهما وركضهما في كلّ مكان .مرّت ثلاثة أيّام ،وراق الهدوء للمرأة وشعرت كأنّها في بيتها ،فوجود الأطفال كان يذكرها بجارتها، وهي كانت تحسدها على زوجها الوسيم ،وتمنّت لو كان من نصيبها ،ولم تمرّ بضعة سنوات حتى تحقّقت رغبتها ،ولم يبق لها إلا أن تخلص من الأطفال ،وكلّ شيئ سيكون لها الرّجل والحليّ ،والدّار ..

يتبع الحلقة 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق