مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية زوار من وراء الضّباب من قصص التّشويق والخيال طقوس الشّيطان ( الحلقة 10 )

فكّر مانو فيما قاله السائق فهو لم يفهم لحدّ الآن علاقة ذلك الرّجل بالجمعيات التي تروّج لنهاية العالم ،فهو أبعد النّاس عن الفكر الأخروي ،وعلى العكس فهو لا يحرم نفسه من شيئ ، أمّا الطقوس الشيطانية فهي قديمة ،وقد عرفها المصريون . ثم قال في نفسه : وماذا لو تعلّق الأمر بشيئ قد وجد في السّابق، واختفى ،وهذه الجمعية ستستغلّ الجفاف الذي سيأتي لإعادة إحيائه !!! وفجأة خطر بباله شيئ غريب، فقال للسائق : هل هناك شيئ لفت إنتباهك في واجهة شركة المقاولات ؟ ردّ السائق: ماذا تقصد ؟ أجابه مانو: مثلا رسوم، أو شيئ من هذا القبيل !!! أجاب السائق: كيف عرفت، وأنت لم تنزل من السيارة ؟ الحقيقة هناك نقش جميل فوق الركن الأيسر للبوابة يمثل قطيعا من الأبقار الوحشية ،ووسطها ثور بقرنان كبيران وعيون واسعة ،ولم أعرف المغزى من وجود ذلك النّقش على واجهة شركة مقاولات ،ربّما لأنّ الثيران تم إستخدامها في الماضي لجرّ الحجارة والرّمل .
صاح مانو متحمّسا : بفضل دقّة ملاحظتك، حللت اللغز، والآن إرجع بي إلى قرية العطاطرة ،واعطني رقم تلفونك لأتصل بك كلما إحتجت إليك. ولمّا وصل ،دفع له أجرته ،ومنحه بقشيشا سخيّا ،فانصرف السائق شاكرا ،أمّا مانو فابتهج ، وقال لسامح وفؤاد: طالعي اليوم حسن ،فسائق التاكسي أعطاني الحلّ دون أن أحرّك إصبعي الصغير ،وماذا أحسن من شخص يحكي الأخبار التي يتكلم بها الّناس نظر إليه الرجلان بدهشة فكيف أمكن لهذا الرجل الآتي من أعماق الزمن أن يحلّ المشكل بهذه السّهولة ،ودون أن يلاحظه أحد ؟ وكأنّما قرأ مانو ما يجول بخاطرهما من أفكار ،وقال : في هذه القضايا عندي أسبقيّة عليكما، فأنا بارع في أشياء كثيرة ،وكلّ واحد منها قد يكون نافعا . إسمعا ما سأقوله ،فشيئ ما حصل في الماضي يستعدّ للظهور بشكل أو بآخر، والشرّ الذي عرفته مصر في بعض فتراتها الصعبة هو آت ليس في ذلك شكّ ،وهذه المرة بأكثر قوّة ،ويجب إيقافه ،وهو بالضبط ما تريده الفتاتان اللتان ظهرتا في العمارة .
قطّب فؤاد جبينه، وقال :هيّا أخبرني، فالموضوع أتعبني كثيرا ،وأنا دون شغل وبلا شقّة ،قال مانو: أعدك أن ينتهي كل شيئ ،أعتقد أني عرفت من وراء كلّ ما حدث لك ولصديقك ،وهو من أكبر أغنياء هذه البلاد ،وعلى رأس جماعة سرّية تمارس السّحر، والطقوس الشّيطانية ،وفي الماضي البعيد كانت هذه الجماعات تنشأ إثر الإضطرابات والقلاقل، وتقدّم القرابين البشرية للإله مولوخ ،لكن حاربها آبائي من رؤساء الكهنة ،وقضوا عليها ،فقد كانت لهم سلطة قوية، لكن بعد زوال حكم الفراعنة ،عادت هذه الجماعات بقوّة ،وانتشرت في الشّرق، ومنه إلى أوروبا .كان سامح يسمع متعجّبا ،وقال :لكن العلماء مختلفون في طبيعة هذا الإله، و جذر م.ل.ك يمكن أن يعني القربان ،وليس إلاها محدّدا ،ردّ مانو: مولوخ معروف في كلّ المنطقة بربّ العالم الأسفل والموت ،ونجد ذك في حضارة أوغاريت، وعند الأكاديين ،وذلك الإله عبده العمونيون والكنعانيون والفينقيون،.وذكرته أيضا التوراة في تسعة مواضع ،كما قدّسه اليهود كذلك ،ووهبوه أبنائهم ،وغضب منهم ربّهم لتلك الضلالة .
صمت سامح ،فمانو يبدو عالما بكل شيئ ،ولا غرابة في ذلك فقد ورث عن آبائه كل علوم تلك الفترات القديمة ،ثم سأله وما الدليل أن الرّجل الذي ذكرته له علاقة بالإله مولوك ؟ ثم من يكون ذلك الشخص الغريب ؟ أجابة لقد رأيت نقش الثور على بوابة شركته رغم أنه حاول تقديمه كعمل فني لكن عيني المتفحصة فهمت كل شيئ أما الإجابة على الجزء الثاني من سؤالك فهو مروان الشبشتي !!!

يتبع الحلقة 11

مع تحيات الكاتبة اليس المرواني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق