مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية ثأر النّسوان من قصص بلاد الصعيد السّر الرهيب (حلقة 5 )

رانيا بطرس / حكايات زمان

بدأ بدوي يتودّد لنعيمة في غياب همام ،وصار يدخل معها للمطبخ ،وهي تلاحظ وجوده وراءها في كلّ مكان ،وأحسّت أنّ الأمر غير طبيعي ،رغم أنّه يحاول أن يبدو لطيفا ،وفكّرت في إخبار زوجها ،لكنّها في كلّ مرّة تتراجع ،لأنها تخشى أن تتعقد الأمور بين الأخوين بسببها . وزاد بدوي في جرأته ،وحاول أن يجلس قربها في الصّالون ،وأبوه موجود ،وفي أحد الأيّام بينما كانت نعيمة ترتّب المنزل، أمسكت بها ليلى من شعرها ،وصاحت في وجهها :أنصحك بالإبتعاد عن زوجي ،وابقي مع همّام المجنون !!! لكن نعيمة ليست من النّوع السّهل ،فلطمتها على وجهها ،وقالت لها: إخرسي ،فمن أنت حتى تكلّميني بهذه اللهجة الوقحة ؟ وتعالى الصّياح ،واشتد العراك بينهما، فجاء الحاج فرغلى وبناته يجرون ،وأبعدوا ليلى التي تورّمت أحد عينيها ،ولمّا سألوها عمّا حدث، أخبرتهم بأنّ نعيمة تراود زوجها ،فهي تعلم أنّ أكثر المصنع من نصيبه ،ودون شك راقت لها حياة الرفاهية بعد أن كانت خادمة لأخيها في العزبة !!! صمت فرغلى، فقد رأى بدوي ونعيمة معا مرّات كثيرة ،وكذلك نفيسة وبناتها ،ولم يعرفوا كيف يردّون على ليلى .
في المساء لمّا رجع همّام ،وعلم ما حصل ،قبض على رقبة نعيمة ليضربها ،لكنّها رمقته بنظرة مرعبة، وقالت :ألم تفهم إلى حدّ الآن ما يحصل ؟ إسئل نفسك ماذا كانوا يضعون في طعامك ؟ إبتعد همّام خطوتين إلى الوراء ،لم يعد له شكّ في أنّ ليلى هي وراء مرضه .وكان عليه أن يتوقّع ذلك من أخيه الذي لا يشبع أبدا ،وقال في نفسه : ما حصل اليوم هو أمر مدبّر مع زوجته للتخلص من نعيمة ،فلم يتوقعا أن تفسد قرويّة فقيرة كل ما خططا له !!! ومنذ أن إكتشف ذلك السّرداب وراء المصنع ،تطورّت الأمور ،وأصبح بدوي أكثر ضراوة ،ويريد وضع يده عليه بأي طريقة.وما لا يعلمه الحاج فرغلي أن همام كان يحفر ليركب أعمدة إنارة ،وفجأة إكتشف أحد العمّال مدخل سرداب قديم يتوغل داخل الأرض، لكن همّام طلب منه إغلاق الحفرة وصبّ الإسمنت عليها حتى لا يجيئ أحد لنبشها ،وأمره أن لا يخبر أحدا بما رآه فقد يكون مقبرة أو غارا يسكنه الجنّ ،لكن العامل تكلم ،ووصل الخبر لبدوي الذي عرض على أخيه شراء نصيبه من المصنع بمبلغ كبير ،ووعده بحصّة من الأشياء الثمينة التي يجدها في السّرداب .
وحين لم تنفع كلّ الإغراءات التي قدمها له أخوه ، دس له سحرا ،لكي يفقد عقله ،ويستحوذ على كلّ شيئ ،وكاد ينجح في ذلك لولا نعيمة التي أصرّت على البقاء مع همّام رغم كلّ ما نالها منه .رجع همّام للصّالون أين يجلس أبوه، وقربه ليلى وهي تبكي ،وقال: سأرحل مع زوجتي ،وسنذهب غدا للبحث عن دار بعيدة عن هنا نسكن فيها ،وهكذا نرتاح كلنا !!! قالت ليلى لن يتم ذلك بهذه البساطة سأبلغ القسم بالعنف الذي تعرّضت له من زوجتك !!! لكنه قال: وأنا أيضا سأبلغ عن السّحر الذي كنت تدّسينه لي أتعتقدين أني لم أفطن لذلك ؟ تساءل الحاج باستغراب: عن أيّ شيئ تتحدث ،إني لا أفهم شيئا ؟لكن بدوي قال: لا تهتمّ لذك يا أبي ،فكلنا أعصابنا متوترة ،على كل حال لأخي الحقّ أن يستقلّ بنفسه ،وتكون له داره ،لا نريد فضائح عند الشّرطة، فنحن عائلة محترمة، لها سمعتها ،ومكانتها .
قالت نفيسة : لهمّام : أجّر شقّة قريبة منا ،وبذلك يمكنني أن آتيك كلّ يوم ،وكان ذلك بداية الإنشقاق في عائلة فرغلي ،في الليل لم ينم همّام ،فمنذ صغره كان يحبّ العيش في عائلة كبيرة ،وكانت هذه أيضا رغبة أبيه، فاشترى فيلا كبيرة فيها ثلاثة طوابق، وحديقة واسعة ،ومرآب يتّسع لسيّارتين ،لكن الآن عليه أن يعيش مع نعيمة ،وليس مستعدّا للتفريط فيها ،في الصّباح ذهب إلى قريته كفر الرّمان وهناك توجد أراضيهم، والمصنع الذي يشتغل فيه، أمّا دارهم القديمة فقد باعها أبوه حين إنتقل لأسيوط. سأل همّام عن دار للإيجار ولما طاف في القرية مع العم شلبي وهو وسيط عقّاري لم يعجبه شيئ باستثناء واحدة مغلقة منذ زمن طويل،لكن شلبي قال له :هناك امرأة غريبة الأطوار تسكن بجانبك ،ويقال أنها تستحضر الأرواح ،،قال همام :والله أنّ الأرواح أرحم من أخي وزوجته …

يتبع الحلقة 6 والأخيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق