مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية الجان المسحور والأميرة بدور من التراث الشّفوي السّوري حمّام الرّخام (حلقة 4 )
مضت الأشهر، وسرّ الأميرة في قلبها، وأحد الأيام مصار فيه غزو ،وطلع الرّجال والفرسان للحرب، ومثل أزواج أخوات الأميرة، بدور، قام غول الغابة ،ولبس بدلة فرسان كموني، وتلثم، وحمل آلة حرب ،وقال لها: لا تخبري أحدا، بأمري ، وقامت معركة حامية ،وراح يحارب مع الفرسان، ،في المساء كانت النّسوان تجتمع للإفتخار بأزواجهنّ، أما الأميرة ،يا حرام، فهي تسمع ،ولا تقدر أن تقول شيئا ،فعايرتها صاحباتها بزوجها ،ويقلن لها: رجالنا طلعت على الحرب، وأنت تزوّجت غولا يقعد في البيت ، هكذا أحسن لك !!! فتلوّحت لهنّ برأسها، وأنشدت:
يا ناس لا تلوموني
زوجي أبو بدلة كمّوني
جماله ما خلق
أحبّه قلبي الرّقيق
وعشقته عيوني
آه، لو عرفتموه يا نسوان
ما ضحكتنّ عليّ
وبغول البرّ عايرتموني
صار الولد يقاتل بشجاعة ،ويضرب يمينا وشمالا، والسلطان يتفرج عليه، من بعيد ويتعجّب من أفعاله ،وتواصلت المعركة حتى هرب العدوّ ،ولمح أنّ يد الفارس جرحت، فقام ،وأعطاه منديله حتى يضمد به جرحه ،وبعد انتهاء الحرب،رجعت الفرسان إلى بيوتها، وبقي السلطان يحكي على الفارس أبو البدلة الكموني ، وقوّته، وقال لابنته: ليته كان زوجك يا لبنى بدل ذلك الغول !!! لكن البنت من شدة فرحتها نست وصية غول الغابة ، وصاحت :أبشر يا أبي، ذلك الفارس هو زوجي ،و قد كان من أمراء الجان !!! الذي كانوا في خدمة سيدنا سليمان، لكن أصابه سحرجعله على هذا الشكل الذي ترونه به .فرح السّلطان كتيرا، وذهب مع إبنته وحاشيته على دار الحطاب حتى يرون الأمير،لكن لمّا وصلوا وجدوا غرفته فارغة ،ففتّشوا عنه في كلّ مكان، وذهبوا للغابة ،وسألوا عنه الصّيادين ،لكن لم يعرفوا له خبرا، ولا أين اختفى .لم يمض زمن طويل حتى مرضت بنت السّلطان على زوجها، ولزمت الفراش حتى كادت تموت كمدا . أحد الأيام سمعت عجوز ساحرة بقصّتها، وأتت لها، وقالت لها: يا أميرة الزّمان إذا أردت خبرا عن غول الغابة ،فافتحي لي لي حمّاما على مفترق طرق دمشق، واتركي الباقي عليّ. وافقت الأميره على مطلبها،وتفاءلت بالخير، وبنت هذا الحمّام بأسرع وقت وزينته بالمرمر والرخام ،وسلمته للعجوز، واشترطت السّاحرة على كل أحد يريد أن يستحم يحكي لها حكايه غريبه عوضا عن الفلوس .
وصار كل واحد يحكي حكاية ،ويستحم ويمشي..حتى أتت امرأة فقيرة في أحد الأيام ،ومعها ثلاث بنات ، وتريد أن تدخلهن للحمام ،لكن عمرها ما سمعت حكاية ،ولا تعرف تحكي، و لم تسمح لها العجوز أن تدخل . وكانت الدّنيا مساء ،فراحت هي وبناتها على الغابة، وطلعت على شجره عالية ونامت معهنّ بانتظار طلوع الصباح.، بالليل صحيت المرأة على صوت وخربشة، ولما نظرت تحتها لمحت ولدا متل القمر طالع من سرداب، ووقف قرب الشّجرة ،وقال: يا أرض انفرشي ، ويا مقاعد اصطفّي.!!! ففرشت الأرض بالزّرابي ،واصطفّت المقاعد، وجلس على كرسي، وأخرج ثلاثة تفّاحات من جيببه، ورمى واحدة، وقال: هذه لليمامة ،ورمى الثانية وقال: هذه للحمامة. ورمى التالتة ،وقال: وهاي للبنت اللي ما حفظت الأمانه ،والله ما تدرين شوقي إليك،لماذا لم تستمعي إلى كلامي ؟ و صار يبكي من قلب مجروح، ودموعه تنزل حارّة على وجهه، حتى قارب يطلع الضبح، بعد ذلك اختفى كل شيء ،ورجع الولد من المكان الذي طلع منه !!!
فرحت المراة ،ووطلبت من بناتها أن يفقن ،وقالت لهنّ :لقد صارت لنا حكاية ، قوموا على الحمّام .لما وصلت قصت ما شاهدته قدّام العجوز، ففرحت بما سمعته وقالت في نفسها :دون شك فهذا أمير الجان ،ثم ،جرت للأميرة ،وروت لها الخبر ،شهقت البنت، وصاحت : هو زوجي ،وأنا السبب في هروبه لأنّي لم أحفظ لساني . ثمّ شكرت العجوز !!! وقالت لها: الحمّام وكلّ ما فيه صار إلك، الله يبارك لك فيه، ،أمّا أنا سأنتظر في الغابة قرب ذلك السّرداب …
…
يتبع الحلقة 5
حكايا زمان