مكتبة الأدب العربي و العالمي

الذئب_والحمار النصف الاخير

وسرعان ما أحست بضرورة التوجه إلى الخلاء ،فتنحت جانبا إلى أن اختفت الدابة عن ناظريها.

وفي هذه اللحظة ،قفز الذئب من سلة البردعة حيث كان السمن ،إلى السلة الثانية حيث يوجد الخروف.ثم عادت السيدة بعد حين، إلى حيث تركت دابتها وتابعت سيرها.
انقض الذئب على الخروف فأرداه ميتا، وسالت الدماء على الأرض وهي تنساب عبر شقوق السلة، فانتبهت المرأة إلى ذلك، ثم صرخت بفزع شديد: ـ ما هذا الدم يا عمي الذئب؟
فأجابها الذئب قائلا: انه جرحي ، لقد تفصد دما بعدما امتلأ.
ثم التهم نصف الخروف، وصرخ قائلا: نعم
فسألته السيدة :من يناديك
فأجابها قائلا:أخوالي النصف
ثم عاد ليلتهم ما تبقى، وما أن انتهى من وليمته،حتى صاح من جديد قائلا:نعم.
فسألته السيدة كعادتها قائلة:من يناديك
ثم أجابها الذئب قائلا :إنهم أخوالي، لقد فعلتها
وما لبث أن أنهى كلامه هذا، حتى قفز أرضا ولاذ بالفرار وهو يصرخ قائلا: لقد خدعتك أيتها العجوز.
وحينما تفحصت سلتها وجدت الجرة فارغة والخروف في خبر كان. فأردفت والحسرة تعتصر قلبها :
ـ لقد أكل ما كنت أجلبه إلى ابنتي، ولا أستطيع زيارتها وأنا صفر اليدين، فماذا سيقول الناس عني، لا أملك سوى أن أعود أدراجي.
لقد عادت على عقبيها، وحينما وصلت إلى بيتها وبّخت الحمار بقولها:
ـ عليك اللعنة أيها الحمار الأحمق أبا عن جد، إذا لم تحضر لي هذا الذئب ، سأضربك بالهراوة حتى الموت.
وعاد الحمار إلى المكان الذي فر فيه الذئب،فبحث عنه، وانتهى إلى العثور عليه في مأواه في جحر بصخرة. ثم تمدد في مدخله تاركاً فاه ومؤخرته مفتوحين، متظاهراً بالموت. وحينما خرج الذئب طلباً للفريسة ، وجد الحمار ممدداً ومنتفخاً في مدخل الجحر. ثم قال: الحمد لله، الذي أنعم علينا بهذه المأدبة دون تعب ولا نصب.
ثم هرع صغار الذئب لسحبه من أطرافه،محاولين إدخاله إلى الجحر. ولما لم يفلحوا في ذلك، غضب الأب وصرخ في وجوههم قائلا: تنحوا جانبا، لا هم لكم سوى إزعاجي بسبب مأكلكم اليومي..هيا ،احضروا لي حبلا.
فأحضروا له الحبل، فقال لهم: اربطوا ذيل الحمار بذيلي .
فربطوا ذيل أبيهم بذيل الحمار.وحينئذ استجمع الحمار كل قواه فانتصب قافزا ثم انطلق راكضا، وهو يجر وراءه الذئب المربوط بذيله.وهكذا أخذ الحمار الذئب إلى سيدته التي أهانها الذئب بخديعته.فخرجت تبحث عن الحطب، ثم أوقدت نارا تضاهي نار عاشوراء ورفعت الذئب على خازوق بعد أن بترت ذيله،ثم قذفت به إلى النار وبدأت تقلبه ذات اليمين وذات الشمال، حتى أصبح مجرد رماد.

من قصص حكايا العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق