مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية #السلطان_وغصن_الرّمان الجزء الثالث سرّ من الماضي (الحلقة 3

كان الوزير محمد محقّا لمّا فكّر في وجود مكيدة لقتل السّلطان ،وظنّ أنّهم من أبناء عمومته الذين سبق أن إنتقدوه لضعف همته ،وانشغاله بالجواري ،لكنه أبعد ما يكون عن معرفة ما يحصل ،وليس هو فقط ،بل لا يعلم الحقيقة إلا عجوز شمطاء تقيم في كوخ وسط الغابة ،وفي ذلك الصباح كانت واقفة مع امرأة ،وأعطتها قارورة ،ثم قالت لها : ضعي منها في طعام السّلطان، وسيظهر عليه المرض، ويموت بعد أيام ،ولن يفكّر أحد بأنّه مات بالسّم .لكن ستندهشون فتلك المرأة هي صفية أمّ الأمير فرحان ،أو هذا ما يعتقده كلّ الناس في المملكة ،لكن الواقع أنّه ليس إبنها ،فقد كانت بحاجة إلى مولود ذكر، لكي لا يتخلى عنها السّلطان، وأتتها العجوز برضيع سرقته من خيمة واستبدلته بالبنية التي ولدتها صفيّة ،واعتقد السّلطان أنّ فرحان إبنه ،ولم يشكّ بشيئ .ولم يبق سوى أن تتخلّص صفيّة من ذلك الولد لتصعد على العرش ،والعجوز هي من خطّطت لكلّ شيئ، لكن ما هو هدفها ؟لكي نعرف يجب الرّجوع سنوات طويلة إلى الوراء لمّا كانت العجوز ،واسمها نسيمة فتاة صغيرة تعيش مع أمها وأخواتها الثلاثة ،أمّا الأم فهي بارعة في السّحر وصناعة الأدوية ،وعلّمت بناتها كلّ ما تعرفه ، وصار الفقراء يأتونهم للتداوي ،وأحيانا للأكل .
لكن رأى أحد الحطابين الكوخ ،ووشى بهم ، وكان السّلطان في ذلك الوقت منصور بن علي جدّ فرحان ،ولمّا علم بأمر السّاحرة أحرق الكوخ بما فيه ،لكن نسيمة هربت ،ولم يفلح أحد في العثور عليها ،ومنذ ذلك اليوم وهي تفكّر كيف تواصل عمل أمّها ،لكن رغبتها في الإنتقام جعل منها ،إمرأة شريرة ،على عكس أمها وأخواتها اللواتي إستعملن السّحر للعلاج ،وأوّل ضحاياها هو الحطاب ،ثمّ السّلطان منصور نفسه ،ولمّا تولى إبنه حبيب العرش بعد موته ،جاءت العجوز إلى أحد الجواري ،وإسمها صفية، وتقرّبت منها ،وشيئا فشيئا صارت صديقتها ،وصنعت لها المراهم العطرة من أعشاب لا يعرفها سواها ،فزاد غرام السّلطان بها ،وطلق إبنة عمه ،وتزوّجها ، ،وكان الرّجل متسامحا مع السّحرة ،لكن نسيمة تريد أكثر ،وهذا لن يتحقّق إلا إذا صعدت صفيّة على العرش، عندئذ ستبحث عن كتاب سحر إسمه عزيف الجنّ أخفاه قسّ نصراني في هيكل قديم ،لكي لا يعثر عليه أحد .ورويدا رويدا دخلت تلك الجارية صفية التي كانت بنتا بريئة عالم السّحر المظلم واسودّت نفسها وهي لا تتردّد في قتل وتسميم كلّ من يعترض طريقها .
ولمّا أكل الفتى الذي يشبه فرحان من الطعام مرض ،ولزم الفراش ثلاثة أيام وحالته تزداد سوءا ،ولم يعرف الأطباء سرّ هذا المرض الغريب ،وإن لم يستبعدوا أن تكون حشرة سامة قد قرصت السّلطان وهناك الكثير منها عندهم ،لما دخل الوزير على ذلك الفتى وجده شاحب الوجه،وقد بدأت الحياة تغادره ،فأمسك بيده وبكى ،فهو سيموت لكي يعيش السلطان لكنه وقف ،وقال للحرس أخرجوه وضعوه في عربة ثم راح به لفرحان لكي يشكره ،وحمل له الهدايا التي طلبها ،وقبل يصل مات ذلك الفتى ،فدفنه ،
ولمّا سمع فرحان بما حدث غضب، وهمّ أن يرجع للمدينة، لكن الوزير نصحه أن لا يفعل ،فإنّ من حاول قتله المرّة الأولى سيعيد الكرّة ،وقال له إهتم بعرسك وبعد أيام إذهب إلى الأسواق ليراك الناس حيا ثم إرجع إلى هنا ،وسنبث العيون عند أعمامك لينقلوا لنا كل ما يصير عندهم ،فالشر لا يأتي إلا منهم ،ولا أرى من له مصلحة في موتك سواهم !!! والآن دع عنك الأحزان، وهيا نذهب لشيخ العشيرة ،والد غصن الرمان ،لا شك أن إبنته قد أعلمته بقدومنا ،مشيا قليلا ،ومن بعيد شاهدوا بعض الخيام المتفرقة ،وحولها الأغنام والماعز ،قال فرحان كم أتمنى العيش هنا مرتاح البال ،لكن كتب الله عليّ الشقاء ،فما أن توليت العرش حتى بدأت المكائد ،لكن من يعتقد أني لا أحسن التدبير هو مخطئ ،وسيرى ما سأفعله …

يتبع الحلقة 4

من قصص حكايا العآلم الآخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق