مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية #الفتاة_المخطوفة الجزء السابع سر ّجيوفاني الإيطالي (حلقة 7

لكن ثريا كانت بنتا عنيدة ،وقالت لحسن : والله لن أرتاح حتى أذهب إلى حورية ،فان كانت حقا أمي ،فأنا أنتظر منها تفسيرا لما فعلته معي !!! ولما إقتربت من قصر الباي سألها الحارس بغلظة :ماذا تريدين ؟ أجابته بكبرياء،:قل لسيّدتك حورية أنّ إبنتها بالباب ،واعطها هذا الوشاح !!! ولمّا رآه في يدها ظنّ أنّها الحقيقة ،فلقد كان إسمها عليه ،والأكثر من ذلك فالبنت تشبهها كثيرا، وبعد قليل أذنت لها بالدّخول ،ثم دفعتها إلى ركن ،وسألتها :أين وجدت هذا الوشاح ؟وأريدك أن أعرف حكايتك، ولا تنقصين منها شيئا !!! بدأت ثريا تتكلم ،وامتقع وجه حورية ،ثم قالت لها :الآن إنصرفي، فأنا لا أعلم شيئا عمّا تقولينه ،و لست الوحيدة التي تحمل هذا الإسم، أو من يرتدي هذا الوشاح ،خرجت ثريا ،ثم قالت لحسن: تلك المرأة تخفي شيئا ،وهي إمّا أمّي، أو تعرف شيئا عني . بعد قليل همس حسن لها :كلامك صحيح، فمنذ خروجك، وجارية تتبعنا ،قالت ثريا: سنتأكّد من هذا الموضوع ،وفجأة دخلا زقاقا ضيقا ،فجاءت الجارية تجري ،وما أن أطلت برأسها حتى أمسكت ثريا بأذنها ،وصاحت في وجهها :هيا قولي من أرسلك !!!
تظاهرت الجارية بالبراءة ،وأجابت: إني فقط عابرة سبيل، زادت البنت في الضغط على أذنها حتى صرخت الجارية : أوه كفى ،ما أشد قوّتك ،لقد أرسلتني بنت الباي ،هل إسترحت؟والآن دعني أذهب في سبيلي ،وسأشكوك إليها ،إبتسمت ثريا ،وقالت لها :سأنزل في خان صغير قرب الجامع الكبير ،و سأنتظر قدومها !!! ثم أخذت غرفة ،وحسن واحدة بجانبها ،وأمضيا ليلتهما هناك .وفي الصّباح سمعت ثريا طرقا على الباب ،ولما فتحت وجدت تلك الجارية ومعها امرأة تغطي رأسها ،ثم دخلت وأقفلت الباب ورائها ولما رفعت نقابها ،تعجبت ثريا فلقد كانت تلك المرأة حورية ،فجلست أمامها ،وسألتها إن كانت قد أفطرت فحرّكت البنت رأسها بالنّفي ،فصفّقت حورية ،وجاءت الجارية بسلة مليئة بالخبز والحليب والبيض ،وكانت ثريا جائعة فأكلت والمرأة تنظر لها ،ثم قالت :أنا لست أمّك، هل تفهمين؟ لقد كان لأختي مريم علاقة مع بحار إيطالي من جنوة إسمه جيوفاني ،ولقد نصحتها بالإبتعاد عنه لكن لم تسمع، وحملت منه لتضع أباها أمام الأمر الواقع ،لكن الباي عرف كيف يبعده عنها ،فلم يكن غاية ذلك اللئيم سوى المال.
وبمجرّد أن إستلم صندوقا من المجوهرات إختفى، وترك لها رسالة يخبرها فيه أنّه قاطع طريق ،وبالطبع حزنت أختي ،وظنّت أنّ كلّ ذلك مؤامرة من أبيها ،حتى اليوم الذي شاهدته فيه مع امرأة من نساء الأكابر ،ولمّا ولدتك أختى أعطيت الرضيعة لقبطان من بحرية الباي، وأمرته بوضعها في أبعد مكان وبطريقة يمكن إكتشافها بسهولة، لعل أحدا يراها ويربّيها ،أمّا أختى فوجد لها أبي زوجا من ضباطه فتزوجها، وسترها ،ومقابل سكوته، صار قائد خيّالة الباي رغم صغر سنه ،ولقد رزقت أختي من زوجها طفلين ،ونست الماضي ،وأنا لم أرغب في نبش جراح الماضي، لهذا حاولت إبعادك، لكنّي لم أقدر، فأنت لا ذنب لك ،ولقد تعذبت بما فيه الكفاية، إسمعي إن شئت تعالي للعيش في القصر ،وسأعطيك عملا سهلا ،وبإمكاننا أن نتقابل كل يوم ،ونتكلم !!! حين سمعت ثريا ذلك ،عانقت حورية ،وبكت على صدرها ،ثم جفّفت دموعها وقالت موافقة ،لكن أوّلا لي ثأر مع قراصنة البحر الإيطاليين ،لا بدّ أن أصفّيه معهم ،فهم نقطة سوداء في حياتي ،فلم يكفهم ما فعلوه بأمّي مريم، بل أيضا الرّجل الذي ربّاني، وأيضا أنا ،وكلّ الصّيادين الفقراء الذين يعيشون قرب الشّاطئ …

يتبع الحلقة 8

من قصص حكايا العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق