مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية بنت الدراز (النساج) الجزء 1
كَانْ يَامَا كَانْ في قدِيمْ الزَّمَانْ، كَانْ الْخِيرْ فِي كُلّ مكَانْ، كَانْتْ الرِّيشَة تقْهَرْ الْمِيزَانْ، وكَانْ الْأعْمَى يتخَطَّى الْحِيطَانْ وكَانْ الشِّيخْ يَقْطَعْ الوديان ، والْعَرْصَة(البُستان الصَّغير) كَانْتْ تغَدِّي الْقبِيلَة وتْزِيدْ الْجِيرَانْ، كَانْ وكَانْ حَتَّى كَانْ.
وفِي قَرْيَة بعِيدَة، طرِيقْهَا شدِيدَة، الرُّكْبَان إِلاَ قَصْدُوهَا يَعْيَاوْ، وَإِلَا مَاقَصْدُوهَا يَتَمَنَّاوْ، حِيثْ الاخْبَار لِّي تَوْصَلْ علِيهَا والْخِير لِّي فِيهَا، مَاتْخَلِّي حَدّ في دَارُ.
كَانْ في هَاد الْقَرْيَة واحَدْ الدَّرَّازْ(النَّسَّاج) رجل طَيِّبْ، القلبْ بيضْ كِيفْ كْلَمْةُ، وكلَامُ صَافِي مَتْقُونْ كِيفْ خدمْةُ، في الصِّيفْ يَنْسَجْ الْحَيْكْ وَالْمْخَابَلْ(سَتَائر تقليديَّة)، والْبَرْدْ يَنْسج الجْلاَلبْ والدّرَابلْ(رِدَاء ثَقيل)، وَكانْتْ عَنْدُ بنْتُ، وبنْتُ كَانْتْ صُورَة لبُوهَا في اخْلاقهَا ومنَاقبْهَا، الأمْ دَّاهَا(أخَذَهَا) الله وخَلاَّ لِيهَا ابَّاهَا.
بَعْدمَا رْعَاهَا فِي صْغُرهَا هِي اصبْحَتْ ترْعَاهْ.. وَبَنْتُ كَانْتْ عَمْيَة مِنْ زْيَادتْهَا، لَكِنْ عمَى البَصَرْ ما خْدَا منْهَا الْبَصِيرَة.
وبَعْْدمَا كَانْ بُوهَا بصَحّتُو، يدْرَزْ ويَاخُذْ مَا درَز لِلسُّوق، دَابَا(الآن) خَانْتُو الصَّحَّة اصبَح لِّي دَرْزُو، تَاخْذُو بـنْـتُ لِلسُّوقْ.
حمَارتهَا كَانْتْ عَارْفَة الطّرِيق، غِيرْ تَسْمَعْ «أرَّازِيدْ» تْشَدّ طرِيقْهَا، وغِيرْ توْقَفْ تْعَرَفْ بنْتْ الدَّرَّازْ أنَّهَا وَصلَتْ للسُّوقْ. وبِنْتْ الدَّرَّازْ، كَانْتْ فِي السُّوقْ مَعْرُوفَة، مَايْخُونْهَا شَارِي ومَا يغْدَرْهَا تَاجِْر.
فِي العشِيَّة ترْكَبْ الْحمَارَة، وتحْزَمْ الصّرَايْر، وتقْصَدْ الدَّار، والدَّرَّازْ بُوهَا كُلّ لِيلَة يَتْسَنَّاهَا، ومَا يتَهنَّى حَتَّى تَفْتَحْ الْبَاب سَالْمَة غَانْمَة. وكَانْ كُلّ لِيلَة بَعْد الْعشَاء يَقُولْ:
– الله يْفَرّشَكْ يا بنْتِي بالرّضَى ويغَطِّيكْ بالرّضَى.
واسْتَمَرّ الْحَال هَكْدَا، الدَّراز يخْدَمْ في الدَّار بِالصَّحَة لِّي بَاقْيَة لِيه، وبنْــتُ تبِيعْ فِي السُّوق، وفِي الْعشِيّة ترْجَع بِالصّرَايْر لِيه، عَايْشِينْ فِي الْخِير والْخْمِير(الرَّفَاهية)…
يتبع
من قصص حكايا العالم الاخر