مقالات

من فصاحة العرب

البروفيسور لطفي. منصور

امرأةُ أبي الأسود الدُّؤْلِيِّ تخاصِمُ زوجَها في ابنٍ لهما:
قيل إنّ أبا الأسوَدِ نازعَ امرَأَتَهُ أمامَ زيادِ بنِ أبيهِ في ابنٍ لهما، فقالت بفصاحةِ لسانٍ وقوّةِ جَنان:
أصلحَ اللهُ الأمير، هذا ابني كان بطني وِعاءَهُ، وحِجري فِناءَهُ، وثديي سِقاءَهُ، أكلَؤُهُ إذا نامَ، وأحفظُهُ إذا قامَ، فلم أزل بذلك سبعَةَ أعوام، حتى آذا وافَى فِصالُهُ، وكَمُلَتْ خِصالُه، واستوثقتْ أوصالُه، وأمَّلْتُ نَفْعَه، ورجوتُ دفعَه، أرادَ أن يأخُذَه مني كَرْها.
ما ذنبي أيها الأمير، فقد أرادَ قهري، وحاولَ قَسْري.
فقالَ أبو الأسود: أيها الأمير! هذا ابني، حملتُه قبلَ أن تحمِلَه، ووضعتُه قبلَ أن تضعَه، وأنا أقومُ عليهِ في أدَبِه، وأنظرُ في أَوَدِه، أمنحُه علمي، وأُلْهِمُهٌ حِلْمي حتى يكمُلَ عقلُه، ويستحكِمَ فَتْلُه.
قالتْ المرأةُ: أيُّها الأمير ! صدقَ في المقالْ كما قالْ، ولكنْ حملَهُ خِفّا، وحملتُهُ ثُقْلا، ووضَعَهُ شهوةً، ووضعتُهُ كُرها.
قال: فتعجّبَ زيادٌ مِنْ فصاحتِها. وقالَ لأبي الأسوَد: اُرْدُدْ عليها ولدَها، فهي أحَقُّ بهِ منكَ، دَعني مِن سَجْعِك.
وانصرَفَتْ بالولد.
…………..
ابو الأسود الدؤلي: اسمه ظالم بن عمرو. هو واضعُ العربيّة وأول من نَقَطَ القرآن. كان فصيحا لَسِنًا. يقال إنه كان يعرف السريانية. وكانت امرأته من فصيحات العرب. توفي أبو الأسود سنة 69 هج. وكان متشيعًا لعليّ.

كتاب مسامرة الندمان لعمر بن محمد الرازي
(ت 728 هج).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق