اقلام حرة

المشي في هذه المدينة منعش

محمود جودة

، يعجبني فيها تعدد الألوان، خاصة لون أشجار الظل المزروعة بعشوائية مهذبة، وألوان الفساتين وتمرد النساء على الريجيم والأحذية خاصة ما بات يعرف باسم الدلع “سليبر”.
المدينة جاهزة تمامًا للفرح، محال بيع الورود فاتحة أبوابها، طلاب الجامعات يتحلقون في دوائر جميلة يتحدثون عن المسرح الجديد وضرورة التسجيل في منح الإقامات الفنية، المدينة جاهزة بأمارة السيدة التي انحنت على بسطة شعبية لتمسك في يدها زجاجة كولونيا شبراويشي ٥٥٥ وأنا أمشي، أحب المشي في هذه المفعوصة حتى أتعب فأجلس على درج بيت قديم.
قادتني قدماي إلى حي الرمال، شارع عمر المختار الوارف بالنصف الأحلى والأجمل كما أطلق عليهن السيد الرئيس أطال الله بقاءه، ما زالت النساء هنا يهبن المدينة أسباب الحياة بطرقهن المختلفة والمشاكسة أحيانًا وهذه من دواعي الأنس والسرور.
في سيري البطيء في ذلك الشارع الفاتن، رأيت على جانب محل باقة من الفتيات كن يتفحصن فستان من قماش الساتان، وهذا النوع من القماش مرتفع الثمن، ولا يصلح إلا لمطارح معينة، لكن المَعروض كان تقليدًا للأصل، فانصرفن عنه الفتيات اللواتي بدا على إحداهن الخبرة عندما وصفت القماش بأن غير نقي!
بجانب ذلك الفستان كانت تُعرض تنورة “بيليسيه” طويلة وجميلة جدًا، لم يلتفت أحد إليها، فهذا الموديل من الملابس مظلوم في بلادنا، فهو يحتاج إلى سيدات قررن أن يتركن كل أمور الدنيا ويتفرغن للجمال والمزاج.
لفتني في رحلة المشي الطفل الذي كان يلعب في فرد بلاستيكي يُخرج من فوهته فقاعات من الصابون تنتشر على وجوه المارة الذين كانوا يتعاملون معها بكل رقة واستسلام، كأنها قُبل نثرها الأحبة في مساء حزين ورحلوا، والقُبل تعرف أهلها!
الملفت في هذا المطرح المُريح وصدقًا أقولها بدون يمين، أن الملابس التي كانت ترتديها النساء في خروجهن، أجمل من تلك التي تنوي شرائها للعيد! فلا يوجد فستان سيء مادام هناك امرأة تحب أن ترتديه، فلا ضير يا مؤنسات إن أحبننا ملابسنا القديمة، كما نُحب أغانينا القديمة والشوارع القديمة وقصص علاء الدين .. عيد سعيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق