مقالات

أحباب يطرقون الباب بقلم : عائشة الخواجا الرازم

إلى متى سيستمر إهراق دم الأبرياء دون ثورة تنظيمية تخطيطية رسمية تعيد دراسة نظام سلامة المشاة ؟
هل هو اختراع صاروخ نووي لتأمين سلامة الناس بقطع الطريق ؟
منذ أربعين عاما ونحن نكتب ونستصرخ كل ضمير مسؤول لاختراع المستحيل الصعب في ممرات المشاة .
منذ أربعين عاما والأرواح تتوالى مختلطة بدم حسرات الوطن النائح على الطرق . فمن هدر المال والعيال وحطام اللحم والعظم والحديد ، وحسرات دهس  المشاة  ورعب الطرق ، إلى شعار يسمعه صاحب الوعي والمخ والقرار ، وفي أذنيه وقر وصمغ وعلى جبينه موت الحيلة وشحوب واصفرار .
لقد تفاقمت مصيبة استهتار مهندسي ومخططي ومؤسسي ومسؤولي مقاولات وتعهدات ومشاريع الطرق .
نعم لم يعد في أي مشروع طرق بذرة تخطيط للمسير ، خاصة طرقات وشوارع انهمار الطلاب والتلاميذ لمدارسهم .
كيف يتم التغاضي عن مخططات مهندسي الطرق وأخطائهم  ؟
،كيف ولماذا ؟ وكذلك المسؤولين عن تسليمهم عطاءات التنفيذ، أو تلزيمهم أموال قارون في قرونهم الفاقدة لمجسات الاستشعار وسماع بكائيات الناس ووشوشات الموت بالدهس .
كانت صرخاتنا في مقالاتنا قبل عشرات السنين حول كارثة المشاة ، تجد آذانا صاغية
فما الذي حفز رأس مال الآسفلت الأسود  للاستهانة بحقوق  المشاة ؟ فبات لا ينظر وراءها ولا يتنازل للاستدراك ؟ .
حجم الفارق بين الأمس أخلاقيا وبين اليوم هائل . كانت صرخاتنا والله تعثر على أمخاخ يقظة وضمائرتستحي من رب الوطن .
كانت هذه الأمخاخ تصحو وتستجيب  .وتعترف بالجرم وتبذل للإصلاح صحوتها .
تهب من إغفاءتها وتتوجه بآلياتها ( وتنجف ) وتزيل جزرا وتحول اتجاهات وتحفر وتلون للمشاة ممرات . وتملأ براميل بالرمل وتغرس فيها لقلة الحيلة مواسير معدنية ترفع عليها شواخص ( التوقف إجباري للمشاة ) تحت طائلة العقوبات .وكانت عبارة ( فن وذوق وأخلاق ) تترك في نفس السائق أثرا فيتعلم .
أما اليوم ، ومع مضاعفة مبالغ عطاءات التنفيذ للطرق والشوارع والجسور والأنفاق ، وارتفاع منسوب الإطلاع العلمي الاسطوري على تقدم الأمم بتقديس حق المشاة ، ومنح المشاة في كل الدنيا بما فيها بلاد الواق واق ، أولوية تركيز الدولة ومؤسساتها قاطبة  على سلامة عبوره معززا مكرما . يموت علم الطرق وتموت تكنولوجيا التخطيط السليم لسلامة الدماء .
أرى أن من يخطط وينفذ ويحوش الأموال بعطاءات فخمة ، يسير بالوطن والمواطنين المساكين إلى الوراء بسرعة التدهور والانجراف نحو سحيق المشاعروالحق ، وبكل جلافة وصلافة يمشي مع جنازات أبناء وبنات ٧ذا الوطن .
لا أحد يبرز لي ويقول : المسؤولية تقع على المواطن والناس هم المتخلفون عن ركب احترام بعضهم .
لا …ليست مسؤولية الناس وسواقي البغال والحمر المجنحة فقط ، فالناس كلهم سواسىية بالجرح والدم والمعاناة ، وكلهم يتعلمون من مهندس ومقاول الوطن وبائع التعهدات . فهو الذي أسس للخلل والخطر وعبد للظلم وهضم حق المشاة .
إنني ومنذ اربعين عاما وأنا أشدد بكثير مقالاتي حول جريمة ( احتقار حق المسير للمشاة ) واعترف أن نوعية المسؤول ايام اللولو كانت تتمتع بالخجل والمشاعر والندم .
أما اليوم فالمعلم الأكبر لتتفيه عظمة حقوق وسلامة المشاة هو نفس منصب المسؤول ، ولكن باختلاف الإحساس بالناس وصرخاتهم و بنفس أمارة بالإهمال .
إن من ينشيء النفق ولا ينشيء على فوهته وعن بعد أنفه حقا آمنا سليما للمشاة ، هو قاتل ويتوجب محاكمته فور تسليمه لمشروع موت الأحباب .
ومن يخطط لإنشاء جزر رفيعة عالية بدل شق مواقع رسمية للمشاة مطلوب للمحاكمة ستذهب إلى بيته أرواح الأحباب ويطرقون بدمائهم عليه الباب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق