مقالات

غابت الحقيقة حينما غرقت في بحر الظلمات

اسماء الياس

غابت الحقيقة حينما غرقت في بحر الظلمات
لقد تزودت بقناع يحمي قلبي من الضربات. عندما علمت انني لم أنجح في الامتحان، وكانت تلك الضربة القاضية. شعرت بأني لن أقوم منها إذا لم أكن قوية كفاية، حتى أحارب تلك الآفة التي مهمتها احباط الناجحين أمثالي، الذين وصلوا بقدراتهم الشخصية دون مساعدة من أحد إلى القمة. اقول لكم لن تستطيعوا منعي أن أفرد جناحي وأطير محلقة باحثة عن جذور الحقيقة التي غابت عني، رغم الظروف السيئة، التي حسبتها ستطول. لكنها انتهت وبنهايتها قلبي استعاد توازنه. أنا اليوم أقوى، وأفكاري أصبحت أكثر غزارة. لذلك احذروا أن تأتوا وتحاولوا المس بدفاعاتي، لأنني في هذه اللحظة سوف أدافع عن نفسي مثل اللبؤة التي تدافع عن أشبالها إن جد الجد.
عبرت سهام عن غضبها عندما جاءَت نتيجة الامتحان على غير توقعاتها.
رغم أنني كنت متأكدة من نجاحي فقد بذلت أقصى طاقتي وكثير من مجهودي حتى أنال العلامة التي أستحقها. أما أن تعلن لجنة تصحيح الامتحانات بأني راسبة. هذا الشي لم أكن أتوقعه بتاتًا. فقد درست المواد وحفظتها عن ظهر قلب. راجعتها مئات المرات قبل دخولي الامتحان. كنت واثقة من نجاحي. فكل سؤال واجهني أجبت عليه بكل سهولة، فقد كانت المادة كلها ماثلة أمام عيني مثل شريط سينمائي، لم يعص عليَّ سؤالا واحدا. لهذا كنت متأكدة من نجاحي بنسبة 100%. لماذا انقلب فرحي لحزن ودموع وآهات خرجت من صدري كأنها بركان خامد انفجر مرة واحدة.
هل لأني قلت الحقيقة؟ والحقيقة أحيانًا تؤلم. هل يا ترى أصبح قول الحقيقة جريمة لا تغتفر؟
حتى لو حكمتم عليَّ بالإعدام لن يتملكني الخوف، ستبقى الحقيقة وسام أضعه على صدري.
لن أسكت عن الانتهاكات التي تمارس بحق الأقلية في البلاد. ورأيي سوف أكتبه على الجدران إذا نفذ الورق. فحقوق الإنسان مصانة ومكفولة في كل دساتير العالم. لهذا سوف تجدونني بكل مكان يمارس فيه الظلم.
التقيت مع عامر صديق الطفولة فقد أردت الحديث مع شخص إن تكلمت معه ينصت لي، يستوعبني يعطيني مجالاً واسعًا حتى أعبر عما في داخلي من غضب. وهو صامت ينظر نحوي يفكر ولا يتكلم. حتى هدأت وبدأت أستعيد وعيي.
قال لي بعد ذلك لقد خفت عليك كثيرًا، حسبت بأنك سوف تموتين أمامي وأنا لا حول لي ولا قوة. كأني أصبحت خارج التغطية. لا ردة فعل بدرت مني. إلا أنفاسي التي كانت تعلو وتهبط. لكن بعد أن هدأت ثائرتك علمت بان الإنسان يجب أن يخرج كل المواد السامة من جسده من خلال التعبير عما يزعجه وإلا مات كمدًا.
هذه لمحة قصيرة عن صديقي ورفيق طفولتي عامر:
عامر من الأصدقاء الذين تثق بهم وتأمنهم على روحك دون أن ينتابك خوفًا أو وجل. فهو الوحيد إن ضاقت في الدنيا أجد معه الصدر الواسع الذي يستوعبني ولا يردني خائبة. فهو مثالاً للصديق الوفي المخلص. الانسان المثالي الذي أجد عنده متنفس من ضغوطات الحياة.
هذه النوعية من الأصدقاء قلائل، إذا لم يكونوا نادرين. لذلك توجهت نحو عامر بقلب مؤمن بأنه هو الوحيد القادر على سحب كل هذا الحزن القابع بالأعماق. بعد أن تكلمت معه، شرحت له كل الأسباب التي جعلتني أعيش في قلق يتزايد كلما فكرت لماذا أنا بالذات التي صنفت من الفاشلين الذين لا يستوعبون ما يدرسون، كأني درست وتتلمذت على يد أساتذة جاؤوا من عصر الجاهلية.
قال لي وهو ينظر في عيني والتحدي بصوته وبنظراته التي اخترقت عالمي وجعلتني منكشفة على عالم جديد لم يسبق وكنت فيه. أبقي قوية ولا تدعي شيئًا يؤخرك عن هدف وضعته نصب عينيك. لا تهتمي لصغائر الأمور، واهتمي فقط أن تكوني من الأوائل الذين يسعون نحو القمة.
بتلك اللحظة شعرت بالسلام الداخلي يغمرني، وكل ما كنت اشعر به من ضيق وتوتر قد زال وأصبح بعد ذلك حملي خفيف.
نعمل من أجل أنفسنا. ننجح إذا لم نهتم لهؤلاء المحبطين..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق