مقالات

العودة الآمنة للمدارس الخليجية

كتب الدكتور عيسى الحمادي

الأمان نعمة عظيمة منَّ الله تعالى بها على الإنسان، فرغم صغر فيروس كورونا (كوفيد-19) الذي لا يُرى إلا بالمجهر – حيث يبلغ حجم جسيماته 100-120 نانومترًا- إلا أن هذا الحجم المتناهي للفيروس أثر بشكل كبير على الحياة عامةً في جميع مجالاتها: الصحة والتعليم والاقتصاد والصناعة وغيرها، ولكن يبقى تأثيره على التعليم تأثيرًا له أبعاده على مستقبل الحياة، باعتبار أن التعليم هو المحور الأساسي لتقدم المجتمعات، حيث يبني العقول لقيادة مستقبل أفضل.

وبالرجوع إلى بدايات انتشار الجائحة، في ظروف غامضة ومفاجئة، تتوقف الدراسة بالمدارس في المجتمع الدولي لتنتقل بنا هذه الظروف من التعليم بالمدارس إلى نظام جديد هو التعليم عن بُعد كبديل يتناسب ويلبي احتياجات الفاقد التعليمي في إطار الجائحة العالمية وفي مشهد لم نكد نراه في حياتنا، حيث هُجرت المدارس وغاب عمَّارها من أبنائنا الطلبة بعد أن كانوا زينة المدارس ورونقها، كما اعتزلها طوعًا شعلتها من المعلمين لظروف الإجراءات الاحترازية لمواجهة آثار هذا الفيروس القاسي حفاظًا على صحتهم، كذلك قادتها من الإدارات المدرسية الذين سخروا جهودهم في إعادة تنظيم التعليم في وقت عصيب وسريع، فأصبحت المدارس من هجرهم خاوية على عروشها، تتلهف إلى من يؤنسها ويربت على جدرانها وأطرافها، وكأن حال لسانها يقول: أين أصوات التعليم والتعلم في صفوفي؟ وأين أوقات اللعب في ملاعبي؟ وأين لحظات الفعاليات والتكريم في مسرحي؟ وأين اجتماعات القادة والمعلمين في قاعاتي؟ وأين التجارب في مختبراتي؟ وأين من كانوا يمارسون الأنشطة في النوادي؟ لقد أرخى الظلام سدوله على أرجائي، فأين من كانوا ضياءً لأنحائي؟ وأين من كانت هتافات نشيدهم تتعالى في ساحاتي؟

ولكن رغم التحديات مع ظروف الجائحة يبقى رجاؤنا بالله كبيرًا، فبعد مُضي عامٍ ونصف، ومع بذل المجتمع الدولي والمؤسسات الصحية جهودهم الحثيثة لمواجهة هذا الوباء، وظهور اللقاح، وضمن خطة دولية ومحلية، يعود أمل العودة إلى الحياة بطبيعتها شيئًا فشيئًا، وكأن الجميع في شوق وتلهف إلى تلك الطبيعة التي تنسجم مع فطرة الإنسان في السعي إلى العلم والعمل بكل جد واجتهاد، في حركة مستمرة لتستمر بنا الحياة بطبيعتها، فمع بزوغ الشمس وضوئها الخافت لاح الأمل من جديد وبدأ الجميع يجتهدون في وضع الإجراءات الآمنة خاصة في مجال التعليم والعودة إلى المدارس، ومن أبرز تلك الجهود جهود القيادات التعليمية في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج.

وهكذا تزهر المدارس من جديد مع ربيع العودة بعد خريف عاصف بتحديات الجائحة التي أربكت العالم بأسره. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق