شعر وشعراء
حوّاءُ الأُخْرى / أ . د. لطفي منصور
لَمَّا نَثَرَ الْخالِقُ كِنانَةَ نَسْلِ آدَمَ قَبْلَ السُّجودْ
لِيُرِيَ عِبادَهُ أنَّهُ الرَّبُّ الْمَعْبودْ
وَيَجْبُلَ طِينَةَ حَوّاءَ آدَمَ قَبْلَ الْوُجودْ
لَمَحَ الْمَوْلَى نُورَكِ بَيْنَ الْخَلْقِ الْمَصْمودْ
فاختارَ ها على رَسْمِكِ لتكوني سَيِّدَةَ الْخَلَفِ الْمَحْمودْ.
خَلَقَ حَوّاءَ عَلَى هَيْئَتِكْ
وَزَيَّنَها بِطِيبِ أَنْفاسِ عِطْرِكْ
وَطارَ النسيمُ لِيَمْلَأَ الكَوْنَ مِنْ شَمِيمِ مِسْكِكْ
غَرّدَتِ الأَطْيارُ طَرَبًا وَغَيْرَةً لِبَهاءِ قامَتِكْ
وَالْوَرْدُ تاقَ لِلَثْمِ ثَغْرِكْ
وَلَمَّا انْفَرَجَتْ شَفَتاكِ اِنْزَوَى الْبَرْقُ خائِبًا مِنْ وَهَجِ لَآلِئِكْ
أمّا النجومُ فَاستعارَت حُبُكَها وطرائِقَها لما نَظَرَتْ في مُقْلَتَيْكِ
واخْضَرَّ البَحْرُ عِنْدَما ضاهَى لَوْنَ جَفْنَيْكِ
وأجْمَلُ السِّحْرِ مَآلُهُ من ناظِرَيْكِ
فَأَيُّ أقاحٍ تُضاهي فِضَّةَ خَدَّيْكِ
وَكَيْفَ لِلْكُحْلِ أَنْ يَمَسَّ الْكَحَلَ في عَيْنَيكِ
وَالْعَقيقُ الثَّمينُ أَلَيْسَ هُوَ مِن شَفَتَيْكِ ؟
وَافْتَخَرَتِ الأَرْضُ لِأَنَّها تُقِلُّكِ
وَاهْتَزَّتِ السَّماءُ فَرَحًا لِأَنَّها تُظِلُّكِ
أمّا الشّمْسُ فَخَجِلَتْ وَأَفَلَت مِنْ طَلْعَتِكِ
والْبَدْرُ لَمَّا تَسامَى اسْتَدارَ مُشْرِقًا يُحاكي لَبّاتِ نَهْدَيْكِ
فَأنْتِ بَهْجَةُ الدُّنْيا وَزَهْوُها، وَجَنَّةُ الْخُلودْ
وَأَنْتِ الأَمَلُ في بَعْثِ الرُّقِيِّ الْمَقْصودْ
فَتِيهي بِكُلِّ ما تستطيعينَ فَأنْتِ مَلِكَةٌ بلا حُدودْ
فلا عَجَبَ ولا ضَيْرَ أَنْ ثارَتْ عَلَيْكِ حَوّاءُ، فهوَ كَمَا تَغْبِطُ الأُمُّ ابْنَتَها عندما تَبُذُّها أناقَةً وَجَمالا
أَوْ عِنْدَما يُصْبِحُ الرُّضابُ شَهْدًا وَزُلالا