خواطر

ضربه حظ / بقلم جمال شدافنة

كان لأجواء العيد في حارتنا الشماليه رونقا خاصا واحاسيس لا تنسى رغم مرور السنين.
وكأني ارى الصوره امامي .
هاهم اقراني وبنات حارتنا يخرجون من بيوتهم فرحين بملابسهم الملونه الزاهيه .
الاولاد يتفاخرون بأناقتهم ويسئلون بعضهم بعضا من اين اشتريت ملابسك ملابسي اجمل بل ملابسي انا اجمل .
والبنات يحملن على اكتافهن حقائب صغيره لجمع العيديه .
وكان من عادتنا بعد ان نملأ جيوبنا بنقود المعايدات ان نذهب الى دوار القريه وننتظر بفارغ الصبر وصول الحافله رقم 45 بلونها الاحمر القادمه من مدينه الناصره والعائده اليها
ها نحن نصعد الحافله ونتمازح وقلوبنا ترقص فرحا بأجواء العيد .
وكان يعترينا بعض الخوف كلما اقترب السائق حافه الطريق في الالتفافات الجبليه .
ولا ازال اذكر جرس الحافله حبلين ممدودين من الامام الى الخلف .
وحينما وصلنا الى سينما ديانا شد احدنا الحبل ليقرع الجرس .
وكانت اجواء العيد في المدينه مميزه.
وكأني اسمع اصوات بائعي الحلوى والالعاب يجلجل والزحام الشديد والصخب والجلبه يميز اجواء العيد .
وبعد ان اكلنا وشربنا ما لذ وطاب اردنا دخول قاعه السينما ولكن هيهات هيهات في هذه الامواج من الاولاد في هذا الزحام الشديد .
ولا زلت اذكر رجلا اقرع ضخم الجثه وضعه صاحب السنما لينظم الدخول ويدفع هذه الامواج ويزمجر .
وبشق الانفس وبعد جهد جهيد دخلنا القاعه وبالكاد وجدنا مقاعد خاليه .
وأطفأت الاضواء وبدأ الفيلم .
وصوت عجل ماكينه السينما يدور والضوء يخرج من الثقب نحو الشاشه الكبيره .
وخرجنا من القاعه واكملناصرف النقود على الماكينات في مقهى للألعاب تحت الارض .
وطغى حبنا الفطري للعب على هذه الاجواء الخانقه وصخب اصوات الماكنات.
ولم يبق معنا حتى اجره العوده الى القريه .
وفجأه وضع احد اقراننا يده في جيبه واخرج ليره اخيره كانت معه وقال :
سأضع هذه الليره في الماكنه فأما ان اربح او ان نعود الى القريه سيرا على الاقدام .
وفعلا وضع الليره في فتحه صغيره في الاعلى
وسحب الذراع وبدأت الاشكال والارقام تدور
وفجأه توفقت وظهرت على الشاشه ثلاثه ارقام مائله 777 وكان هذا يعني الجائزه الكبرى .
وبدأت الليرات تتدفق الى جرن في اسفل الماكنه حتى امتلأ عن اخره .
وكاد صاحبنا يغمى عليه والتف حوله بعض زعران المدينه وعيونهم تقدح شررا ويسنون اسنانهم ليخيفوه ويستولوا على النقود .
ولكننا تحلقنا حوله لحمايته فناداه صاحب المقهى وابدله كيس النقود بليرات ورقيه وخرجنا على عجل من هذا الزحام الخانق في هذا المقهى المشبوه ونحن نداعبه.
فقال وما زال في نشوه الفرح:
كل مصروفكم من طعام
وشراب وافلام على حسابي .
واكملنا التمتع بأجواء العيد حتى ساعات الغروب وقفلنا عائدين الى القريه بسياره اجره خاصه بعد ان كنا قد قررنا العوده عبر طريق احمد عوده الجبليه نحو القريه لولا ضربه حظ في الليره الاخيره
من خواطري .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق