مقالات
حلقة رقم ( 16 ) الذمة المالية للمرأة في المنهج الإسلامي / وحيد راغب
الذمة المالية تعنى أن تكون للمرأة أموال أوعقارات خاصة بها دون الرجل إما عن وراثة أو عمل لها , لها حرية التصرف فيها ولا حكر للرجل عليها أو أخذها عنوة
والإسلام يبيح ذلك للمرأة ولكن تحت مفاهيم عامة , حتى لا يؤخذ الأمر تحديا للرجل , أو السيطرة عليه و المن عليه لو أعطته
وفى نفس الوقت أن لا يستغل الرجل المرأة خاصة المتزوجة أو تحت تصرفه كالقاصر مثلا أو الكفالة ككفالة اليتيم , وحتى لا يكون مالها مستنزف من الرجل العاطل والذي لايفهم معنى القوامة وهى الدرجة التي تميز فيها الرجل على المرأة وهى مسئولية إعاشة المرأة وتجهيز حاجياتها بقدر الإستطاعة لا التقصير
فالإسلام جعل الزواج شراكة متكاملة بين الرجل فى كل شيء جسديا وروحيا وماليا لتستقيم حركة الحياة
فالزواج مودة ورحمة وسكن بين الرجل والمرأة , فلواحتاج الرجل وللمرأة ذمة مالية ولم تعينه ولم تشاركه هل يكون هناك مودة وسكن ورحمة , فالنساء شقائق الرجال , والمرأة هى الصاحبة التى تعين وتشارك فى الفرح والترح
فالمرأة والرجل طرفى الحياة وتكوين الأسرةبالتكامل والتعاون والمشاركة , فالرجل عنده القوة والقدرة على التعامل مع خارج البيت والخبرة الحياتية , وفى الجانب الآخر المرأة الحنونة الرحيمة العطوفة كيف تستقبل القسوة على الرجل بحنانها من حركة الحياة , وكيف تربي أولادها والصبر على التربية فى البيت بعد الحمل والولادة لتنشيء جيلا عاقلا سويا
فهما من نفس واحدة ” خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ” النساء 1
فالحياة الزوجية ليس تحديا ولا استغلالا ولا إعسارا
فالله عز وجل فى كل الحالات لم يجعل الرجل أن يفرض ما يريده هو عليها ” لا يحل لكم أن
ترثوا النساء كرها ..” النساء” 19
” هن لباس لكم وأنت لباس لهن ” البقرة 187
” وتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ” النساء 4
فلو نظرنا لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابيات وأزواجه , نجد الشراكة الكاملة لكل منهما للآخر دون الإستغلال , فرسول الله صلي الله عليه وسلم كان يعمل فى تنمية تجارة السيدة خديجة , ولا ينتظر أن تعوله هى , ولكن الشراكة أعم وأشمل , فهى كانت من أموالها تصرف على الدعوة للإسلام الذي كانت دعوة السماء وهى دعوة زوجها محمد صلي الله عليه وسلم , ولم تقل يوما أنها لها ذمة مالية وادخرتها دونه
ولم يفرض عليها الرسول ذلك ولكن كانت تفعل ذلك من نفسها حبا فى زوجها وحبا فى دعوته الحقة للإسلام
ولم نجد على مستوي السيرة فى الإسلام من قالت أنهها لها ذمة مالية وامتنعت عن مساعدة زوجها تحت بند القوامة
ولكن الزمن تغير والهوي اشتعل والإستغلال والفساد استحكم , فنجد الرجل يريد أن يستغل مال زوجته لمصلحته هو دون أن يكون له دور القوامة والمسئولية نوع من الإبتزاز والسرقة المقنعة , فهو يتكاسل عن العمل وعن مسئوليته فى الإنفاق على بيته وعائلته تحت بند المفروض على زوجته مساعدته , يقول هذا ادعاءا وليس حقيقة إنما هو يريد الكسل والإستغلال وهذا النوع لما تنتهي أموال زوجته وذمتها المالية يهملها ويهمل بيته وقد يصل التخلص منها بالطلاق ليستغل غيرها , ويكون ديدبه هو الكسل واستغلال الغير
ولو لم تفهم الزوجة ما عليه زوجها ستخسر كل شيء , بل يجب إن رأت تصرفاته على النحو أن تتحكم فى ذمتها المالية , مع المساعدة قدر الإمكان مع عدم التفريط , فرب الزمن يغدر بها
, وهناك حالات كثيرة منها أن الزوج يطرد زوجته من أجل أن تأتى بميراثها من أبيها عنوة استغلالا لا مساعدة , فأمى مثلا , كان أبي موظفا على قدر حاله , وينفق قدر الإستطاعة على بيته , ولكن عندما بلغت إخوتى البنات الزواج ولم يكن معه ما يجهزهن , بادرت أمى بمساعدته وباعة ما ورثت من أبيها وسترت البنات , فكان الود والحب والإحترام أعلى ما يمكن بين أبى وأمى , فقد عرفا معنى الشراكة دون استغلال
وسيقت حكاية أمامى أن أخت صاحب كان زوجها مستغلا , ويطلب منها دائما أموالها وهو يبددها فى أعمال فاسدة وكان له أولاد , فقال صاحبي ماذا أفعل معها فقد أفهمتها أن زوجها يستغل أموالها ويبددها بلا منعة , فلم تستجب , وكان يقول لو طلقها ما مصيرها وقد بددت أموالها , فقلت له , هناك نوع من الأزواج فاسد وأختك لها أولاد وأنت لا تستطيع أن تمنعها من ذمتها المالية , فحاول أن تفهمها ثم أعطها حقها وهى تتحمل عاقبة أمرها , فأخته تحاول أن لا تهدم بيتها , وشخصية زوجها هوجاهل بدينه وأن للزوجة ذمة مالية وهو قوام عليها , وأن ما يفعله هو استغلال وليس شراكة .
فالأمور هنا يجب أن نتغاضي حتى لا تهدم البيوت ويكون سببها استغلال زوج فاسد لا يعلم دينه وواجباته وحقوقه
فالإسلام يوجب الذمة المالية للزوجة ولا يوجب الإستغلال , وفى نفس الوقت يوجب الشراكة فى حالة عدم القدر والحاجة .
فقدجاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم وعليه كفارة ذنب , فقد أخذ النبي يقول له كذا وكذا وهو يقول ليس عندى وأنا فقير جدا حتى قال له النبي اصرف ما عندك على عائلتك وتصدق به عليها كما ورد فى الحديث
إذن هناك ذمة للمرأة مالية وهناك شراكة فى حالة الإحتياج , وهناك قوامة للرجل ومسئولية وكل له وقته وحالته
فمثلا زوجة تخرج للعمل وتستقطع بذلك من وقت زوجها وأولاده , أليس من حق الزوج أن تشاركه زوجته فى المسئولية حتى ولو مقابل وقته التى استقطعته منه
وقد رأينا أن زوجة كان زوجها مهاجرا لإحدى الدول ليوفر لها ولأولادها حاجياتهم ورفاهيتهم , ولكن لسوء نيتها وعدم حرص الزوج , أخذت ماله وطلبت الطلاق وتزوجت بغيره
وفى نفس الوقت حكت لى زميلة أنها أعيرت للعمل فى دول الخليج وأخذت زوجها مرافق , ولما دولة الإعارة طلبت أن يرجع الى بلده , لسوء نيته أخذ مالها وتزوج بأخري واستمرت المعاناة رغم وجود أولاد بينهما .
إذن هناك يجب أن يكون حرص من الناحيتين , وأن يكون التعاون بقدر معلوم وسطى بلا مجازفة , حتى لا يخسر الطرفان كل شيء فى حالة الهوى وتلاعب الشيطان .
وعندما يكون الزوج له دخل معين فيجب على الزوجة أن تعيش بهذا الدخل ولا تطلب منه ماليس فى استطاعته وتحمله مالا طاقة له , فقد خير النبي محمد صلي الله عليه وسلم زواجه لما طلبن نفقة رفاهية ليست فى استطاعته , أن يبقين معه على حالته أو يطلقهن ويسرحن سراحا جميلا , فكانت النتيجة اختارت زوجات النبي العيش معه على حاله .