الرئيسية
رِوحانِيّاتِ شَهْرِ رَمَضانَ الْمُبارَكِ: البروفيسور لطفي منصور
رُوحٌ وَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ هُوَ رَمَضانُ، شَهْرُ الْقُرْآنِ، شَهْرُ الْعِباداتِ التي تختلِفُ نَكْهَتُها عن باقي الأيّامِ والشُّهورِ ، هكذا كانَ رَمَضانُ بِمُرورِ السِّنينَ والْقُرونِ والدُّهورِ. لَهُ صورَتُهُ الْجميلةُ في النَّفْسِ والْقَلْبِ، وطابَعُهُ الْمُمَيَّزُ في الْوِجْدانِ وَالْمَشاعِرِ الْمُتَمَثِّلُ بِالْهَيْبَةِ وَالْجَلالِ وَالْخَشْيَةِ الصادِقَةِ بِالإيمانِ بالرِّسالةِ الإسلاميَّةِ، وَصِدْقِ وَحْيِ اللَّهِ على نَبِيِّ الرَّحمةِ الْمُرْسَلِ بِالْمَحَبَّةِ، وَالتَّآخي والتَّوادُدِ لِلْعالمينَ جميعًا.
رمضانُ شَهْرُ التَّقْوَى، ومراجَعَةُ النَّفسِ، وَعَمَلُ
الْخَيْرِ، وَإفشاءُالسلامِ، وَالتَّعاوُنُ وَمَدُّ الْيَدِ لِكُلِّ مَنْ يَحْتاجُها، غَيْرَ نَزّاعةٍ لِلْفُرْقَةِ، بَلْ نَبْذُ التَّعَصُّبِ، والْعُنْفِ، والطّائِفِيَّةِ، والْعُنْصُرِيَّةِ الْمُنْتِنَةِ. هذه قِيَمُ رَمَضانَ الذي يَتَجَلّى فِيهِ الإسلامُ الْحَقُّ.
صَدِّقوني أيُّها الْعُبّادُ أنَّ الشعوبَ والأُمَمَ الْأُخْرى تَغْبِطُنا نَحْنُ الْمُسْلِمينَ عَلَى هذا الشَّهْرِ الْفَضيل.
لا عَلَى ما لَذَّ مِن زينَةِ الدُّنْيا، فهذا موجودٌ في كُلِّ مكان، بَلْ عَلَى أَجْوائِهِ الرّوحانِيَّةِ وَحَلاوَتِها في النَّفْسِ وَالْعَيْنِ وَالْقَلْب.
أيُّ منْظَرٍ أَعْظَمَ وَقْعًا في النَّفْسِ من مَنْظِرِ الذينَ يُهْرَعونَ بالْمِئاتِ والآلاف إلى بيوتِ اللَّهِ للصَّلاةِ والدُّعاءِ خاشعينَ إلى رَبِّ الْعَالَمِينَ، أن يسودَ اَلسَّلامُ والْوِئامُ بَيْنَ الأُمَمِ والشُّعوب.
لَيْسَ معنى الصِّيامِ الامتناعَ عَنِ الطّعامِ والشرابِ
عِدَّةَ ساعاتٍ مِنَ النهار فقط، ثمَّ الْهُروعُ إلى مالذَّ مِنْ طعامٍ وشراب.
هناكَ معنيانِ للصَّومِ: الأوّل وهو المصطلحُ في الشرعِ ، وهو كما ذكرنا.
الثّاني هو الْمَطْلوب: الصَّوْمُ تَرْبِيَةٌ خُلُقِيَّةٌ على الْمروءَةِ، ومكارِمِ الأخْلاق. الدِّينٌ عِلْمٌ وَتَرْبِيَةٌ وثقافَةٌ عاليَةٌ لا تُضاهيها ثقافةٌ أخرى.
وكما تُرَبَّى الأجسادُ في النوادي الرياضُيَّةِ لِتَصِحَّ من عِلَلِها، كذلك تُرَبَّى النُّفوسِ على الْقِيَمِ الدِّينِيَّةِ الطاهِرَةِ الصّادِقَة في بيوتِ اللّه.
روحانيّات وطيِّباتُ وحسناتُ رَمضانَ لا تُحْصى لِأنَّهُ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ على المؤمنين، وما قَدْمناهُ إِلَّا تذكِرَةٌ بفضائلِ رمضانَ مَلِكِ الشُّهور.