مكتبة الأدب العربي و العالمي

الساحرة_عقيسة_والفتاه_صالحه #جراده_مالحه الجزء الثاني

خرجت عقيسة مرة اخرى تبحت على قبيلة اخرى, قبيلة لم تجرب مكائدها وقفت عقيسة وسط الغابة وقالت :
– اي طريق أسلك قبل ان يمسك بي حراس الغابة؟
وبعد يوم من المسير وصلت عقيسة الى قبيلة بشتغل اهلها بالحطب . >

ضربت عقيسة خيمتها وسط القبيلة وقررت المبيت هذه الليلة واذا عجبها المكان تمدد المقام
كان سكان هذه القبيلة يخرجون كل صباح للغابة ليجلبوا الحطب والحشائش للبهائم . وكان الخير يعم القبيلة والبهائم تجد  تأكله  والغابة تجود بالحطب والخشب . وبعد 3ايام لاحظ سكان القبيلة ان  الحشيش الذي يحشوه للبهائم ييبس في الطريق والبهائم صارت ضعفت وما عاد حليبها يكفي
تجمع الحطابين عند كبير القبيلة ليتباحتوا امرهم ويعرفو ا سبب هذه القضية التي لم يجدوا لها سبب.

سألهم كبير القبيلة :
– متى صارت هذه الحالة بالقبيلة؟
رد عليه كبير الحطابين :
– سيدي قبل 3 ايام كنا نجلب حطب ونحش الحشيش للبهائم ويظل اخضر تاكل منه الغنم والجكل والبقر. اما الان فالحشيش ييبس في الطريق والحطب اكلته الشمس.

وقف اخر وقال :

– سيدي كبير القبيلة منذ 3 ايام جاءت امرأة وضربت خيمتها امام بابي , اذا رأيتها يصبح نهارك اسود واذا كلمتك متل النار تحرق وتقتل.

وقف كبير القبيلة وقال :
هذه وجه النحس لن تبيت الليلة في القبيلة , جاءت بعارها ونحن اكتوينا بنارها

اجتمع رجال القبيلة وهدموا لعقيسة خيمتها واعطوها مؤونة الطريق وتركوها وسط الغابة فريسة .
وقفت عقيسة وسط الغابة وقالت :
اي طريق سأسلك الان؟
وبعد يوم من المسير رأت نفسها على مشارف قبيلة جديدة ومن رؤية صفاء سماءها تظهر انها قبيلة سعيدة.

كانت هذه قبيلة بو مفتاح الذي اذا أَلتجأ اليه احد لا يظلم, الغني عنده كالفقير والكبيرعنده مثل الصغير.
كان القاضي بومفتاح لا يخفى عليه سحر ولا سلعة العطارة. كان عنده جماعته من السحرة لكن لا يستغلون سحرهم الا في الخير ولا يأذون به احدا.

ضربت عقيسة خيمتها وسط القبيلة كعادتها وكان يعيش في هذه القبيلة الفلاح والخضار والتاجر والجزار والقبيلة حتى هذا اليوم تعيش سلام وهناء.

وبعد مرور 3 ايام لاحظ الناس ان الخصام كتر في القبيلة والغني يأكل رزق الفقير والكبير يحتقر الصغير

والقاضي مفتاح لم يصطف على بابه يوما المشتكون والخصام لم يصل يوما للمال والعرض
دف باب القاضي بومفتاح كبير التجار وكبير الخضارة ادخلهم القاضي بومفتاح وقال لهم
– ما ذا حصل للتجار والخضارين اعرفهم دوما اخوة لا غدارين ولا لصوص.
اخد كبير التجار الاذن بالكلام وقال
– سيدي القاضب بومفتاح منذ 3 ايام جمعنا المؤونة من الحطابة والجزارين واعطينا النقود للخضارين , التجار والحطابين أوفوا بالوعد عكش الخضارين.
ونحن سيدي جهزنا الجمال والقافلة ستغادر الصباح الباكر . لما انهى كبير التجار كلامه قال القاضي بومفتاح لكبير الخضريين :
– ما ذا تقولون في هذا الكلام وقف كبير الخضريين وقال :
– نحن لم ننكر سيدي بومفتاح على التجار النقود . النقود اخدناها والخضر جمعناها لكن في الصباح لم نجدها هل سرقت او احترقت؟ لا احد وجد لها اتر.
حار القاضي بومفتاح وقال :
– ارجعوا عندي في الصباح وساقول لكم من الملام في هذا الخصام
لما خرج كبير التجار وكبير الخضريين دخل كبير الجزارين وكبير الفلاحين طالبين حكم سيدي بومفتاح
وقف كبير الجزارين وقال:
– سيدي بومفتاح كبير الفلاحين مسك لي بهائمي في ارضه ولم يرضى يتركها لي ويقول سيدبحها او يشنقها.
قال القاضي بومفتاح لكبير الفلاحين ماذا تقول في هذا الكلام؟ هل كذب او قال الصراحة؟
رد كبير الفلاحين نعم سيدي بو مفتاح انه صادق ولكن بهائمه دخلوا لارضي واكلوا الزرع واهلكوا الارض والمصارف . كيف ساعوض خسائري مولاي القاضي……..
وقف القاضي بومفتاح وقال :

– ارجعوا عندي صباحا لاريكم الظالم من المظلوم.

جلس القاضي يفكر مع اصدقاءه ما ذا حصل للقبيلة لا احد اشتكى الجور والمكيدة يوما ومنذ 3 ايام صار الظلم قاعدة.
قال له صاحبه :
اذا سمحت لي سيدي القاضي , منذ 3 ايام جاءت عجوز غريبة على القبيلة , لا ترتاح للنظر اليها ولا يعجبك كلامها ومعها صبيين . اتظن سيدي هي من جاءت بالنحس والبغيضة لقبيلة سيدي بومفتاح؟
رد عليه القاضي وقال
– انتم تعرفونني لا احب الظلم اتوني بها اسمع حكايتها اذا كانت ضيفة نكرمها واذا كانت سبب البلاء نجازيها بنيتها.

بعد مدة جاء رجال القاضي ومعهم الساحرة عقيسة , ما ان وقفت امام القاضي بومفتاح حتى حس بتنميل في رجليه واحس ان في حكاية هذه العجوز البلاء . سالها بومفتاح :

من انت وما اتى بك لقبيلتنا؟

خافت عقيسة من كلامه لكن الداهية عرفت كيف ترد وقالت :

انا طالبة ضيف الله سمعت بحكمتك وشهامتك وجئت اتغطى بحمايتك , جئت من قبيلة يعيدة مرت عليها ايام شديدة . زارها الجفاف والقحط اكل الاخضر واليابس . حملت اولادي وغادرت القبيلة وقصدتك قبيلتك اذا قبلتوا بي سيكون مناي واذا لم تقبلوا ارجع ادراجي.
لما راى القاضي بومفتاح الاولاد منورين ووجه عقيسة مظلم قال لها

– انا اشك في امرك الاولاد منورين وانت سوداء حالكة واولادك لازالوا رضع وانت صاحبة عكاز لا تفارقيه الاولاد ليسوا اولادك.

ردت عليه عقيسة وقالت : هما اولادي هل تشك في قدرة الله؟
رد القاضي عليها وقال : حاشى اشك في قدرة الله رزق الولد لابراهيم وزكرياء ……. سأرسل الزرزور (اسم طير) ياتيني باخبارك اذا كنت صادقة نرحب بمقامك واذا كادبة نرميك لجهنم
القاضي بومفتاح كان عنده طائر اسمه زرزور, كان ياتي له بالاخبار مثل سيدنا سليمان وهكذا يعرف الصادق والكاذب والغالب والمغلوب

حبس عنده عقيسة وترك عنده الاولاد وانتظر الطائر ياتيه بالاخبار . مع الفجر رجع الطائر وجاء بالاخبار بدون زيادة ولا نقصان , عرف حكاية الاطفال وحكاية البستان وحكاية الحطابين والصيادين وعرف سبب الخصام الذي زار القبيلة التي كان يضرب بها المثال .
صبح الصباح واتى معه الصفاء … التجار والفلاحين والخضارين والجزارين تصالحوا ولم يعد بينهم خصومة

اخرج القاضي عقيسة من حبسها وجمع سحرته وْقَالْ :
– عرفنا حكايتك ياعقيسة ودقنا اذيتك والان دورك مثلما اذيتينا تتاذي

ما ان سمعته عقيسة حتى تبدل لونها وصوتها وحاولت تسحرهم بعينها وعصاها, لكن سحرة القاضي بو مفتاح كانوا لها بالمرصاد قهروها بكلامهم وربطوها بسهامهم وهكذا قال لها القاضي بومفتاح :
سحرتي سيمسخوك اختاري اما ان تكوني ضفضعة او جرادة او ذبابة؟

عرفت عقيسة ان هذه اخرتها ولا سحر سينجح معها . وقالت :
الضفادق صوتهم ما ياذي والذباب يقهروه الوسائد اما الجراد يهلك الاشجار والحدائق
اخترت سيدي بومفتاح اكون جرادة.
في رمشة عين صارت عقيسة جرادة وطارت من النافذة وما عرفوا اين تتجه المهم ذهبت ومعها بأسها والظلام الذي ظهر في ناس القبيلة ورجع الصفاء ونورها

اما الجرادة عقيسة سرها لم ينتهي بعد , ذهبت يا سادة يا كرام للصحراء وجمعت سرب الجراد ونوت على الغدر باهل البلاد وفصدت بستان الصالحة.
بعد ايام رجع القاضي بومفتاح الاولاد لأمهم الصالحة, ورجعت فيها الروح بعدما كانت على اولادها تبكي وتنوح
في الصباح التالي صبحت القبيلة على سحابة سوداء كان هذا سرب جراد قاصد بستان الصالحة , جاء يهلك الشجر ويترك الحجر , لكن الله حافظ بستان الصالحة ورجع لها اولادها , هو قادر يكفيها شر عقيسة وسربها.

دخل سرب الجراد للبستان لكنه لم يقدر ياكل ولا ورقة من الشجر كل جرادة بتدوق الشجر تجدها مالحة , مع ان الشجر كله عنب وتفاح وبرتقال ورمان كله حلو الطعم.

اتقلبت الاية وخرج ناس القبيلة رجال ونساء واطفال ليصطادوا الجراد من بستان الصالحة

الناس شبعوا من الجراد 3 ايام لان الجراد في تلك الايام لم يكن فيه دوا.
كان الغني والفقير يكله لانه يسرح في الشجر والزرع مثل الغنم .
إ
اجتمع اولاد القبيلة وشووا الجراد ولما شبعوا فضلت جرادة واحدة ولا احد قدر ياكلها قال لهم كبيرهم :
سنحتكم بيننا على هذه الجرادة المشوية والتي من نصيبه ياكلها في لقمة واحدة لكي لا نضيع هذه النعمة.

وجاءت من نصيب ولد صغير ما ان حطها في فمه حتى رجعها وقال كم هي مملحة انا ماجحدت النعمة ولكن ما قدرت على هذه اللقمة…
كلما وضع احد الاولاد الجرادة في فمه يرميها … ولا احد عرف انها الجرادة عقيسة
وبقيت عقيسة مشوية مرمية الى ان اكلها الريح مع الايام …

اما الاولاد الصغار منذ تلك الليلة لما عرفوا حكاية عقيسة صاروا يغنون :

أجْـــرَادَة مَـــالْــحَــــــة
فِــي كُـنْـتـِـي سَـارْحَـــة
فِـي جْـنَـانْ الصَالْـحَـــة
آشْ كْلِيتِي آشْ شْرَبْتِـي
غِيرْ التْـفَـاحْ وْالنَّـفـَـاحْ
وْالحَـكْـمَـة بإِيــدِيـــكْ
يَاالْقَـاضِي يَا بُـو مْفْتَـاحْ
وهكذا راحت حْكَايْتِي مِنْ وَادْ لْوَاد (نهر)ْ وْمِنْ بْلاَدْ لَبْلاَدْ، يَحْكِيهَا الْجْدَادْ لِلصَّبْيَة وْلْحْفَادْ.

من قصص حكايا العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق