ثقافه وفكر حر

كتبت أسماء العطاونة في عام ٢٠٠١، قبل الثورات والانتفاضات، هربت من الجحيم اللي انا كنت عايشة فيه، كان عمري ٢١ سنة،



في عام ٢٠٠١، قبل الثورات والانتفاضات، هربت من الجحيم اللي انا كنت عايشة فيه، كان عمري ٢١ سنة، ما بعرف كيف تجرأت واخذت ها الخطوة، في شي جواتي كان يحركني، اجيت لاوروبا بالصدفة، لانو المكان الوحيد اللي استقبلني، هربت من الفقر، الظلم، القسوة، الذكورية، العقد، الكبت، النفاق، الكذب، الامراض النفسية، هربت من الموت، من العادات ومن التقاليد، من العنف الجسدي، الجنسي، ومن العنف النفسي، من العيب والحرام، من القيل والقال، من الاب، من الام، من عقد الذنب، من الفساد، من كل التيكيتس اللي بلزقوها علي، هربت من حارتي اللي الناس كانوا يتهموني فيها بالشرمطة لاني رفضت اني اكون بوجهين، ومن جارتي اللي كانت تقولي: اعملي شو بدك بس غطي عا راسك، هربت من شرطة السلطة اللي كانت تتحرش فيي، وتهددني لاني تجرأت وكتبت مقالات افضح فيها فسادهن ، هربت من الجهل، هربت من البطولة ومن الوطنية، هربت لانجو بنفسي ، هربت من مجتمع بقولي، سكري تمك، وضبي رجليكي، والبسي واسع وطويل، وبس اجيت لهون ، اشتغلت ٢٤ سنة عا حالي لانظف من كل ها التراكمات وكل ها الثقل، والقرف اللي بحملونا اياه ومن احنا صغار. اشتغلت عا افكاري، عا حريتي، عا انسانيتي، وقدرت مع الوقت اني اكون شو انا بدي، واتصالح مع كل اللي انجبرت اني اعيشه. ما عندي اي غضب او كره، او حقد او اي رغبة بالانتقام، بالعكس فخورة باني عشت كل ها التجارب رغم مرارتها وقساوتها، وفخورة اني قدرت احولها لمصدر الهام وطاقة حلوة، ابني نفسي فيها، وبحب اشاركها مع البنات اللي بعيشوا بالخوف.من حقك تكوني انسانة، من حقك تعيشي كانسانة، ومش من حق اي حدان انو يجردك من ها الانسانية او يستعبدك! الحرية الها تمن، ولتربحي نفسك راح تخسري كتير، وتسمعي كتير، وتجازفي بحياتك، راح يحاربوكي بسمعتك، بولادك، باغلى شي عا قلبك، راح يبصقوا عليكي، راح يحكوا عنك، راح يجتمعوا سوا ليخرسوكي، راح يهددوكي. راح توقعي وتوقفي من جديد، وراح تتعثري، وتوقعي، وتوقفي من جديد كمان مرة، راح تشعري بوحدة قاسية، وباردة، ومظلمة. ولكن صدقيني بس تكسبي نفسك، وتحضني جروحك، بتصيري تمتلكي طاقة، وثقة، وقوة جبارة، مستحيل اي ظرف او اي شخص او اي موقف يهزها، وها القوة هي مصدر خوفهن. الحرية هي شغل يومي، عا الذات من الذات، وطريق طويل وشاق، طريق مليان شكوك، تردد، وحدة، وما بتيجي من برا عا طبق من ذهب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق