كلمات الدكتور / محمد مصطفى
(انتِ بعيني)
ظلموكِ إذ قالوا أنَّكِ حسناءُ
فالحسنُ بعضُ ما أهدى السناءُ
ولستِ كالقمرِ بليلِ اكتماله
فالبدرُ ليلٌ.. وليلٌِ اختفاءُ
ولستِ كالشمسِ إذا آنَ الضحى
فالشمسُ تخبو إذا حلَّ المساءُ
ما أنتِ إلا وحيٌ من حنينٍ
تتعالى من همساتهِ الأصداءُ
وأنتِ كالبحرِ لا تغشى عواصفُهُ
يغرقُ السفنَ والأمواجُ حمقاءُ
فما أبقتْ شراعاتِ تعانقُها
ولا ملاحاً والمجدافُ أشلاءُ
وما أبقتْ مناراتٍ لندركَها
فالمناراتُ والمصابيحُ سوداءُ
وأنتِ المليكةُ تختالُ في عزةٍ
والهامةُ فوقَ الجبالِ علياءُ
وأنتِ القيثارةُ على أنغامِها
تاهتْ قلوبٌ واستلهمَ الشعراءُ
وأنتِ النايُ قد عَزَفَ على وترٍ
وعلى أهاتهِ ثورةٌ وغِناءُ
وأنتِ النسيمُ قد عبقتْ روافدُه
فإذا الورودُ الشاحباتُ فيحاءُ
ومن أنتِ إلا جمراتٌ في بحورٍ
عجزَت الريحُ عن طفيِها والماءُ
حاولتُ جذبَ العيونِ التي عرضتْ
بقصيدةٍ وما جذبَها الإغراءُ
قصيدةٌ صماءُ لا حرفَ يسعفُها
وكلُ اللغاتِ عن وصفِها خرساءُ
فلا تلمني في رحيلِ قافيتي
فوصفُ الضدينِ – لو تدري- عناءُ
فإذا كانت في رحى من السهدِ
وكانَ السهدُ في مُحياها ضياءُ
فما بالُ جمالهِا في رخى السعدِ
فقلْ في هذا الجمالِ ما تشاءُ
فعلى وجنتيها ارتسامُ أحزانٍ
وليالٍ ترتاعُ فيها والشقاءُ
وفي مقلتيها أحلامُ مسافرٍ
وسفنٌ أبحرتْ عنها واللقاءُ
وفي عينيها مفرداتٌ هاجرتْ
أشواقاً قد أحرقَها البقاءُ
وأمسياتٍ ذابتْ فيها وأثملتْ
كنورٍ من نارٍ شمسُهُ حمآءُ
فللهِ حسبُكَ يا شوقي فإنها
حسناءُ لم يغرها هذا الثناءُ