بارعات العالم العربي

قُبلةٌ فوقَ النّسيم / شهد دكناش

‏‎لَمْ تَعُد أضواءُ المَدينة تَحمِلُ الأَشواقَ الدّفينةَ إِلَيكِ بَعْدَ الآن,
‏‎هُما إحتمالانِ فَقَط لا غَير , إمّا أَن يَكونَ عَقلي قَد تعَفَّن أَو أنّني عَلى وَشَكِ السُّقوطِ إلى الأَبَد.
‏‎أتوقَّفُ اليَومَ أمامَ اصطِفافِ أَبجَدِيَّةِ روبن شارما لأقرأ عبارة :” أقِم جنازَتَكَ فِي حياتِك”.
‏‎لَقَد كرَّرَ مُدرّبو التّنمِيَة البَشَرِيّة وأصحابُ التجارُبِ العَظيمَة هذهِ العِبارَة في صِيَغٍ مُختَلِفَة
َ , فقد إختَتَمَ مارك مانسون كِتابَهُ بِفَصْل “وبعدَ ذلك تموت” , أَطنَبَ بالحديثِ عَن أهميَةِ إبقاءِ الموتِ قريبًا مِن أذهانِنا وأفعالِنا ليقودَ الإِبداعَ فينا ويمتصَّ خمولَنا في لحظاتِ الجهلِ القُصوى للقَدَرِ المَحتوم, كما وكرّسَ بيكر لحظاتَهُ الأخيرَة في فِراشِ مَرَضِه يخطُّ كتابًا كاملاً يتحدثُ عن تجربَتِهِ في مجالَسَةِ الموتِ والتغلبِ على استحقاقِهِ في البقاءِ على قيدِ الحياةِ حَتّى تصالحَ معَ الفكرة . (اي تُوُفِّيَ بالفعل)
‏‎يا لِهذا الكونِ المَجنون , حتّى نَنجو في الوقتِ المُتَبَقّي عَلَينا أَن نتعلَّمَ كَيفَ نتجرّعُ الموتَ كُلَّ مساءٍ, عَلَينا أَن نُصغي إلى همساتِهِ في الهزيعِ , في حالاتِ البَردِ القُصوى , في الحُبّ ’ والفراقِ والبُعدِ والتّلاقي.
‏‎ألا نبدو مثيرونَ للشّفَقَة؟!
‏‎أردتُ أَنْ أكونَ مخبولًا في حالةِ فضولٍ كمارك , أن أَقِفَ فَوقَ المُنحَدَر وأترُكَ أقدامي المُتَدَلِيَة في هستيريا الجاذِبِيّة .
‏‎ِجُلّ ما قفز إلى ذِهني في لحظاتِ الظّمَأ العاطِفِي كانَ ذهنك الإستثنائي ،أفكارُكِ المخبولة وَنَزَقُكِ الّذي قادَنا إِلى هذهِ المَراحِل المُتَقَدِّمة منَ المَرَضِ والبُعد.
أرادَ أصحابُ الطاقةِ الإيجابيّة أن يجعلونَنا نَتَعايَشُ مَعَ خوفِنا الأكبَر، ظنًّا مِنهُم أنّنا مريضونَ فعلاً، مهووسونَ بإستحقاقِنا بالبقاءِ على قيدِ الغبراءِ أَو بِلَعِبِ دورِ الضحيّة.
،أعتَقِدُ بِأنَّ هالةَ البؤسِ الّتي تُحيطُني ليست نتيجةً للشعورِ بالإِستِحقاقِ بَل اضطرابَ النقيضِ أصلاً ،
‏‎وَدَدتُ أَن اقودَ حياتي باتجاهكِ , لكن ما جَدوى أّن اتمسَّكَ بكِ الآن؟!
‏‎ها قَد رحلتِ فِعلاً رقصًا أو جريًا لا أعلم، لكِنّكِ لم تعودي هُنا وهذا ما يَهُم .
إنّني أُمارسُ طقوسَ جنازَتي الحيّة مُنذُ اسبوعٍ ، أشعُرُ بِتَحَسُنٍ في افكاري المُتضارِبَة وبأنّ شيئًا مِن نورِ هذا العالَم بدأ يتسللُ إلى قلبي.
‏‎تأمُّل بوابةِ الموتِ العَدَمِيّة يحتاجُ شجاعةً للتَّغَلُبِ على إِنكارِنا الدّائِم لفكرةِ الرّحيل ، لكن ما بالي أّنا ؟ إنّني مُسَلِّمٌ بهذِهِ الفكرة ولكنّي أتَدَرّبُ عَلى استِقبالِ قُبلَةِ الموتِ فَوقَ النّسيم ، النّسيمُ الّذي استقبَلَني اليومَ بما اشتهيتُ سماعَهُ وقتَ الفَناء.
‏”She may be the face I can’t forget
‏The trace of pleasure or regret
‏May be my treasure or the price I have to pay
‏She may be the song that summer sings
‏Maybe the chill that autumn brings
‏Maybe a hundred different things
‏Within the measure of a day
‏She may be the beauty or the beast
‏May be the famine or the feast
‏May turn each day into a Heaven or a Hell
‏She may be the mirror of my dreams
‏A smile reflected in a stream
‏She may not be what she may seem
‏Inside her shell
‏She, who always seems so happy in a crowd
‏Whose eyes can be so private and so proud
‏No one’s allowed to see them when they cry
‏She may be the love that cannot hope to last
‏May come to me from shadows in the past …
‏That I remember ’till the day I die.”

‏‎كانَت تلكَ اللَحظةُ التي أدرَكتُ بِها أنني فِعلاً أتلاشى.
‏‎إنّني أُراسِلُكِ مِن مكانٍ ما لا يُشبِهُ أيًّا من تِلكَ الّتي زُرناها معًا
‏‎هل تُصدّقينَ بأنّني الآنَ أمتطي السُّحُب؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق