اخبار الفن

قبيلة الفقاعات

 

الفقّاعة بتشديد القاف هي كرة تكون بالعادة مملوءة غازاً أو هواءً أو سائلاً وتطير في الهواء لخفتها . وفقأ وفقع الفقاعة اذا أحدث فيها شرخاً يغير من هيئتها ولايقال فقأ الشيء الا للعين فالفقء والفقع لكل ماستدار كرويا كالعين والفقّاعة ، وفاقع اللون إذا صفى لونه وكان زاهياً جميلا كما قال تعالى ( فاقع لونها تسر الناظرين ) .

عندما نسقط ماذكرنا من ذكر مادة الفقّاعة على البشر اليوم فإننا نعيش وسط ( قبيلة من الفقّاعات ) وهذه القبيلة قديمة قدم التاريخ صالت وجالت عبر صفحاته .

تميزت قبيلة بني فقّاعة بالزهو والفخر والاعتلاء فكان كل فرد منها يرى في نفسه العجب والسمو حتى يكاد يلامس براسه الثريا ، والفقاعيون بفطرتهم نرجسيون يعيشون في ابراج عاجية لاتصل الى مستوى البشر الاخرين فهم دماء نبيلة لايصلح ان تتلطخ بدماء غيرها من الدماء الخاملة هكذا كانت نظريتهم .

ترأس هذه القبيلة ( إبليس اللعين ) فكان أن قال : أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) . فكان يرى نفسه أعظم مخلوق وأنبل عرق !

ثم استدركها فرعون الفقاعي الأكبر بقوله ( أنا ربكم الأعلى ) فكان أن انتفخ بمخيلته حتى صار رباً كما يزعم !

فانتفخ وانتفخ ثم تلاشى كما تلاشت فقاعة صابون .

وهكذا التاريخ يسرد لنا حكايات هذه القبيلة وماحلّ بها وكيف أن أبرهة خف عقله فتطاير أشلاءً حتى أضحى كأمس الدابر .

بنو فقّاعة يتواجدون اليوم بكثرة في حياتنا تجدهم في كل محفل وكل حدث فتجد أحدهم يلبس عباءة العظماء وهو أرذل من عجل ، بل يتشدق أحدهم ويلوك لسانه وهو بضعة أعظم تكاد تحمل لحمه وشحمه.

فمن رأيته يتحدث بـ ( أنا وأنا ) ويعتلج بذكر مفاخر أباءه وأجداده وفتوحاتهم وانتصاراتهم وهو لم يتقدم ( بلاطة واحدة ) في بلاط الدنيا المتخم بالأحداث فاعلم انه فقاعة صغيرة من سلالة تلك القبيلة العتيقة .

اصنع مجداً وابني سلماً وشيد برجاً وضع لك اسماً مع أساطين الأدب والعلم والبطولات وابرز نفسك بروزا يشار لك غدا بأنك أنرت طرقات مظلمة واهتدى بنور علمك وعقلك أناس كادت أن تزل أقدامهم .

لاتكن فقّاعة خفيف العقل ثقيل الجسم تطير مع أول امتحان فلا يروا الا ثوباً يرفرف .

لاتكن مطبلاً لكل غادية ورائحة ولامنافقاً تتزلف عند كل مسؤول ، ولا متلوناً بتلون المصالح .

كن على مبدأ صالح تعيش لأجله وتموت في سبيله وتحقق رؤيته وتورثه لأجيالك.

الفقّاعة لاتدوم وإلا لكان فرعون يحكمنا اليوم ولاتستمر والا لكنا حجاجا لبيت ابرهة ( القليس ) في اثيوبيا .

ماكثر الفقاعيون اليوم حولنا وستعرفونهم من منطقهم وكلامهم وتفكيرهم ونفاقهم وتطبيلهم فاحذروهم وحذروا منهم .

كان اعرابياً يقول : كثروا سوادي وقللوا وفادي بمعنى اتبعوني بجموع غفيرة وانشروا اسمي وسمعتي بين الناس ولكن لايفد علي الوفود ( من البخل ) .

حتى أحمق القوم وأعياهم له حمقى يتبعونه لمصلحة ما.

والسلام ياكرام .

 

 

بقلم – سلطان الضاوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق