هل العرب أمة واحدة ام قبائل لا تربطها أي قواسم مشتركة ؟
بالرغم من ان العرب يسكنون على رقعه جغرافية واحده , ولهم عقيده مشتركه وتاريخ مشترك ,ويتكلمون نفس اللغة , ولهم عادات مشتركه , ويدعون انهم امه واحده موحده لها اواصر قربى وروابط اخوية , وهم كأعضاء الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى , وهذه الميزات والمقومات والقواسم المشتركه والروابط من المفروض ان توحدهم بسهوله في دولة واحدة , ويكونوا قوة عسكريه واقتصاديه لها مكانتها بين الامم , الا أن للأسف واقع هذه الامه عكس ما ذكر اعلاه , وهكذا كانوا في العصر الجاهلي قبائل متناحره , وجاء الاسلام وحدها تحت قيادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم , لحقبة من الزمن وبعد وفاته دب الخلاف بالامه وقتل ثلاثة خلفاء عمر وعثمان وعلي عليهم السلام , واستمر الصراع بين القبائل والاحزاب على الحكم , وما زالت الامة مفككه ومنقسمه على ذاتها حتى يومنا هذا بل ساء وضعها اكثر فأكثر , ويا حصرتاه تتعرض للاعتداءات ولا تقوى على الدفاع عن نفسها , والكل يتفرج على المعتدي ولا يقدمون يد العون لبعضهم البعض , فلو كانوا امة واحدة لتوحدوا وحموا وصانوا اوطانهم وشعوبهم من الاعتداءات عليهم , ولم يتعلموا من وحدة شعب الهند التي تضم مئات الاعراق والقوميات وغيرها من شعوب توحدت بالرغم من انهم من قوميات مختلفة , والمصيبة الكبرى انهم لا يتعظون ولا يتعلمون من أخطاء الماضي والعصبية القبلية متغلغلة بهم حتى النخاع .
قد يجوز ان الانظمة الحاكمة والعداء بينهم يقف عائق امام الوحده هذه الايام حيث ان هذه الانظمة مسيرة ومدارة من وراء الستار من قبل المخابرات الامريكية الاوروبية التي تمنع كل وحدة وتقارب بينهم لتحقيق مصالحها وسلب ثرواتهم اتباعا للسياسة التي رسمها هنري كامبل رئيس وزراء بريطانيا سنة 1907 والتي لا زالت متبعة حتى يومنا هذا اتجاه الأمة العربية , حينها جمع رؤساء الدول الاستعمارية وقال لهم : ” اذا توحد العرب سيعيد التاريخ نفسه ويصبحوا قوة تهدد دول اوروبا ومصالحها , ولذا علينا وضع جسم غريب بينهم يفسخهم ونمنع وحدتهم ونقسمهم لدويلات صغيرة ونصب عليهم قيادات فاسدة ليسهل علينا التحكم والسيطرة عليهم ” .
المبنى الاجتماعي لمعظم المجتمعات العربية هو قبلي –عائلي بامتياز , ومن الصعب تغير هذا المبنى لعدة أسباب لا مجال لذكرها , ولم تحاول الأنظمة الحاكمة صهر القوميات والقبلية في بوتقة المواطنة الصالحة , وغرس التربية الوطنية والولاء للوطن في نفوس أبنائها ,لذا بقيت التربية القبلية هي السائده في المجتمعات العربية والتي تركز على الولاء والانتماء للقبيله وليس الانتماء للوطن او للمجتمع الكبير ووضع مصلحة القبلية في اول سلم أولويات الفرد , ومن هنا نرى ان ما يهم المواطن العربي في الوطن الكبير هو ما يحدث في قبيلته وليس ما يحدث في وطنه والمجتمع الكبير الذي يعيش فيه ,ولذا عندما يحدث اعتداء على شعب من شعوب الامة العربية لا تهب الشعوب الاخرى لمساندته وردع العدوان عنه , لان ما يهم المواطن العربي هو ما يحدث فقط في قبيلته وليس ما يحدث في الوطن العربي الكبير بسبب تربيته القبلية ,وينطبق على العرب المثل : أُكلت يوم أكل الثور الأبيض .
الدكتور صالح نحيدات