مكتبة الأدب العربي و العالمي
قصة بائعة الخبز – قصة حقيقية مؤثرة .
الصورة البارزة للتوضيح المصدر جوجل
حدثت في جمهورية السودان لأحد المعلمين بمنطقة ريفى المناقل (منطقة في السودان )
يقول أحد الأخوة : كنت أستاذاً أدرّس فى مدرسة للبنات في الصف الثالث ابتدائي ، وفي كل يوم كنت أرى خارج الفصل جانب الشباك بنت مسكينة وجميلة تكسوها البراءة وتبيع الخبز لأمها في الصباح ..
وقد بلغت سنّ المدرسة، لكنها لم تدخلها بسبب الوضع المادي لأسرتها، فلديها أربعة أخوة صغار ووالدهم متوفي، وهي تسهم مع أمها في مصاريف معيشتهم ببيع الخبز عند المدرسة، فساعدت إخوتها بأن يدخلوا المدرسة ويكملوا تعليمهم ..
في أحد الأيام كنت أشرح للطالبات درساً في الرياضيات، وبائعة الخبز تتابعني من شباك الفصل وهي بالخارج ..
فسألت سؤالاً صعباً وخصصت له جائزة ؟
ولم تجيب عنه أية طالبة ، وتفاجأت بأن بائعة الخبز تؤشر باصبعها من خارج الشباك وتصرخ : أستاذ أستاذ أستاذ
فأذنت لها بالإجابة .. فأجابت وكانت إجابتها صحيحة…!!
منذ ذلك اليوم راهنت عليها، فتكفلت برعايتها وبكل مايلزمها من مصروفات مدرسية على نفقتي ومن مرتبي القليل وعلى قدر ما أستطيع من أمور بسيطة تساعدها على التعلم .
واتفقت مع مدير المدرسة على أن يتم تسجيلها كطالبة بالمدرسة وتشارك بالإختبارات دون دخول الفصل لعدم قدرتها على تحمل مصاريف المدرسة كلها !!
وأن يجعلها تبدأ من الصف الثالث كمستمعة لـتتعلم ولو الشيء البسيط من التعليم واتفقت مع جميع مدرسي المواد الأخرى على أن تظل الفتاة تسمتع من الشباك إلى كل الحصص وهي خارج الفصل ..
فأجمعوا جميعاً على الموافقة على مغامرته وأخبر هو والدتها بذلك ، وفرض المدرس على الفتاة أن تترك بيع الخبز وتتفرغ للتعليم ويتولى أحد اخوتها البيع بدلاً منها ..
وكانت المفاجأة عندما ظهرت نتائج الاختبارات ، وكانت هي الأولى على المدرسة !!
وسارت على هذا النهج برعايتي وإشرافي اليومي عليها الى أن أوصلتها بفضل الله إلى الصف الأول بالمرحلة الثانوية ..
ثم كبر أحد إخوتها وعمل بعربة كارو لبيع الماء وبقي يصرف عليها ..
وهنا غادرت السودان للعمل بالخارج ، ولم يكن هناك تلفونات في ذلك الوقت لكي أواصل متابعة أخبارها ..وانقطعت صلتها بي لمدة 12 عاماً ..
وبعد غياب إثنا عشر عاماً عدت إلى السودان ، وكان معي صديق بالدولة التي كنت أعمل فيها ، وصديقي هذا لديه إبن بجامعة الخرطوم كلية الطب ، فطلب مني أن أرافقه للجامعة !!
وأثناء دخولي الجامعة مع صديقي مكثت بعض الوقت في الكافيتريا ، فإذا بفتاة على قدر من الجمـال تحدق فيَّ بشوق وقد تغيرت معالم وجهها عندما رأتني ، وأنا لا أدري لماذا تحدق فيَّ بهذا التأثر ؟!!!
فسألت إبن صديقي إن كان يعرف هذه الفتاة وأشرت إليها خُفية ؟
فأجابني : نعم بالطبع، إنها البروفيسور، تُدَرِّس طلاب كلية الطب دفعة السنة السادسة والأخيرة .
فسألني : هل تعرفها يا عمي ..؟
قلت : لا، ولكن نظراتها لي غريبة !!
وفجأة وبدون مقدمات جرت الفتاة نحوي و احتضنتي و عانقتني وهي تبكي بحرقة وبصوت لفت أنظار كل من كان بالكافتيريا !!!!!!!
وظلت تحضنني لفترة من الزمن دون مراعاة لأي اعتبار، وظن الجميع أني والدها وأجهشت بالبكاء ونظرت إليَّ وقالت لي : ألا تذكرني يا أستاذي ..؟
أنا البنت التي كانت حطام إنسانة، وحضرتك صنعت منها إنسانه ناجحة أنا البنت التي كنت السبب في دخولها المدرسة وصرفت عليها من حرِّ مالك حتى وصلت إلى ما وصلت إليه !! وذلك بفضل الله ثم رعايتك وإهتمامك وموقفك الإنساني الفريد أنا إبنتك فلانة ( بائعة الخبز )
فكدت أن أقع مغمياً عليَّ من دهشتي وشدة تأثري وفرحي بها والله، بكيت كثيراً عندما تذكرت كيف كانت وكيف أصبحت على ما هي عليه اليوم !
ثم دعتني أنا والذين معي ومجموعة من الزملاء إلى منزلها، وأخبرت أمها وإخوتها والموجودين عني وهي تتحدث عن الأستاذ الإنسان الذي وقف معهم وكان سبباً في تغيير مجرى حياتهم ..فألقيت كلمة قلت فيها جملة واحدة وأنا أبكي :
( لأول مرة في حياتي أشعر إني معلم وإنسان )
العبرة : حاول أن ترسم الإبتسامة على وجه كل من تتعامل معهم وثق أن بناء هذه السعادة لمن حولك ستعود عليك وكأنك تعيش في أجمل قصور العالم
عن صفحة الدكتور نبيل طنوس