الدين والشريعة
معلّمة الرجال
معلّمة الرجال
امرأة ملأت سمع التاريخ وبصره.
امرأة ملأت الدنيا بأسرها ، وشغلت الناس على مرّ العصور والدُّهور.
مرأة أثبتتْ للدّنيا أنّ المرأة يمكن أن تكون أعلم من الرّجال ، وأرجل من الرّجال ، وأن تخلف في التاريخ دوِيّا تتناقله أصداءه العصور.
لم تتخرج في الجامعة ، وما اشتغلت بالكلّية ، لم تكن في أيامها الجامعات ولا الكليات .
مرأة أتيح لها ما لم يتحْ لأحدٍ ، فقد كانتْ في طفولتها عنْد أفضل البشر بعد محمّد عليه السلام ، ورعاها في شبابها أكرم البشر وأفضل الأنبياء ، زوج خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم .
كانتْ امرأة عالمة ، واسعة العلم ، تعلّم العلماء ،وزوجة مؤنسة ، ترضى العشير والأقرباء .
امرأة فصيحة بليغة ، بارعة البيان ، ولِكلامها وبيانها لسحرٌ عظيمٌ .
ولها منزلة مقدسة في الإسلام ، لأنها جمعت من الفضل والعلم ما لم تجمع مثله امرأة أخرى.
كانت جامعة فوق الجامعات ، فيها العلم والأدب والبيان وفيها القرآن والتفسير والأحاديث والأحكام حتّى تفتي المفتين .
دعني ألقي إليكم حدثا يشرح لكم ما هي مدى قوة علمها و همّتها ؛ قال أبو موسى الأشعري : كنّا أصحاب رسول الله ، إذا أشكلَ علينا أمرٌ سألنا عائشة.
عجبا والحمد لله… فاسمعوا هذا أيضا وانظروا كيف كانت بلاغتها وفصاحتها…
قال الأحنف : سمعتُ خطب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء إلى يومي هذا ، فما سمعت الكلام من فمِ مخلوق أفخم ، ولا أحسن فيه ، من فم عائشة .
دُهشنا والحمد لله ..
ومع كلّ هذا كانت سياسية حكيمة ولا أطوّل فيها حديثا
فيا لها من أمّ عظيمة وفخرنا فيك يا أمّ المؤمنين..
كمْ عانيتِ من ضيق وضجر وضنك..
وكم صبرتِ على فوادح الأثقال حتى اتهمت بتهمةٍ شنيعة لا تقبل العقول أنها ارتكبتها ، لأنها أبعد عنها من الأرض عن السماء ، فواجهتها بإيمان قويّ حتى أثبت القرآن أنها بريئة عفيفة طاهرة.
فتفكّروا فيها…
العلمُ لا ينافي طبيعة المرأة ،لا يمنعها كونها أنثى ، من أن تكون فيه للذكور إماما.
فيا أسفي على الدنيا ما حظيتِ بوِلادةِ مثلها حتى مرّت على عائشة أربعة عشر قرنا.
Ahmed Ameen KS