خواطر

أضيع في توافه الأشياء

أضيع في توافه الأشياء

بقلم: رَوايــا خليل
كاتبة وناثرة

أضيع في قصص الأطفال
أضيع عند النظر من النافذة
أضيع في عنوان كبير على جريدة
وفي لافتة على متجر
وحين أتأمل عمود إضاءة

أضيع عندما أنظر إلى السماء
فأفتح يدي وتسقط قطرة ماء
أضيع عندما أسمع صافرة البداية
أو أسمع طرقات على الباب
أوعندما يرن الهاتف بدعوة
لنشاهد الشروق معا

في محطة القطار
ألتقط التذاكر المرمية ممن قرروا العودة
وأتساءل:
هل يمكن أن أعود أنا أيضا؟
أن أعود لأحب من دون عصيان وهرب؟
من دون تمرد ومآسي وتُهم؟
أن أحب بسلام.. كامرأة حرة حقيقية؟
حيثُ لا أضطر للإختباء والتنكر
حيث لا أضطر لاستدعاء شبح أو ماضي
ولا أطلق كلماتي بأصفاد
أو حركات يدي بمراقبة

أن أعود لأتوقف عن إعطاء التلميحات
والتحدث بألغاز
وأن أقول ولو شيئا واحدا
بوضوح.. بتلقائية وعفوية
دون أن يجادلني أو يحاسبني أحدهم
دون أن يصدقني أو يكذبني
أو يفلسف الأشياء.. فيمزق شفافيتي أحدهم

أن أعود لأكتب قصيدة بعد الظهر
وأن أنام ولو ليلة واحدة
بلا قلق على أحلامي وخواطري
أن أنام وأصحو
بلا مطارداتهم وبحثهم عن صوري وكلماتي في كل مكان
كما لو أنني اختفيت من على وجه الأرض

أن يمضي ولو يوما واحدا
دون أن أسأم منهم جميعا وأسافر لمكان بعيد
بهوية مزورة
يكلمني الآخر بإسم ليس اسمي
فأضيع عندما يناديني
وأضيع عندما أعطيه رأيي في الحديث
ثم أدرك لاحقاً بأنه يدور عني
وأن الآخر لم يراعيني
وأني لم أحظى بحديث
بل بتلميحات خبيثة
أو أني للتو.. تحدثتُ عني كغريبة
كشخص لم يرى انعكاسه في المرآة
ولم يتعرف على ملامحه

بل مر بها في الطريق فقط
وألقى عليها تحية رسمية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق